التعاطف (Empathy)، علاماته، أنواعه، أسبابه واستخداماته

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

التعاطف (Empathy) هو القدرة على فهم ما يشعر به الآخرون عاطفياً، ورؤية الأشياء من منظورهم الشخصي، وتخيل نفسك مكانهم؛ أي أن تضع نفسك مكان الشخص الآخر وتشعر بما يشعر به.

التعاطف هو عندما ترى شخصاً آخر يعاني، بعد فقدانه لأحد أفراد أسرته مثلاً، تتخيل نفسك على الفور تخوض نفس التجربة وتشعر بما يمر به.

تعريف التعاطف

تُعرِف ميريام وبستر (Merriam-Webster) التعاطف جزئياً بأنه فهم، إدراك، مراعاة، وتجربة مشاعر، أفكار، تجارب الآخرين وكأنك تنوب عنهم.

في حين يمكن أن يكون الناس متفهمين لمشاعرهم وعواطفهم بشكل جيد، إلا أن قراءة أفكار شخص آخر أمر أكثر صعوبة بقليل، لذا فإن القدرة على التعاطف مع الناس تتيح إمكانية الشعور بما يعانوه، إذا جاز التعبير. إنه يسمح للناس بفهم العواطف التي يشعر بها الآخرون.

علامات التعاطف

يستجيب الكثير لمعاناة شخص آخر بلامبالاة أو حتى بعدائية صريحة وهو أمر غير مفهوم تماماً، ولكن هذه الطريقة تؤكد حقيقة أن التعاطف ليس بالضرورة استجابة عامة يظهرها الجميع تجاه معاناة الآخرين.

إن كنت تتساءل عما إذا كنت شخصاً متعاطفاً، فإليك بعض العلامات التي تؤكد لك الأمر:

  • جيد جداً في الاستماع لما يقوله الآخرون.
  • كثيراً ما يبوح لك الناس بمشاكلهم.
  • جيد في التعرف على ما يشعر به الآخرون.
  • غالباً ما تفكر في شعور الآخرين.
  • يقصدك الآخرون للحصول على المشورة.
  • غالباً ما تشعر بالإرهاق من الأحداث المأساوية التي تصيب الآخرين.
  • تحاول مساعدة الأشخاص الذين يعانون.
  • جيد في اكتشاف صدق الآخرين من عدمه.
  • تشعر أحياناً بالاستنزاف أو التعب في المواقف الاجتماعية.
  • تهتم بالآخرين بشدة.
  • تجد صعوبة في وضع حدود ضمن علاقاتك.

أنواع التعاطف

هناك عدة أنواع من التعاطف يمكن إظهارها لشخص ما يعاني، وهي:

التعاطف الوجداني (Affective empathy): هو القدرة على تفهّم مشاعر شخص آخر والاستجابة بشكل مناسب. قد يؤدي هذا النوع من الفهم العاطفي إلى شعور شخص ما بالقلق على سلامة شخص آخر وعافيته، أو حتى إلى الشعور بالضيق الشخصي.

التعاطف الجسدي (Somatic empathy): يتضمن وجود رد فعل جسدي استجابة لما يعانيه شخص آخر. يختبر الناس أحياناً ما يشعر به الآخرون جسدياً، فعندما ترى شخصاً آخر يشعر بالحرج مثلاً، قد يحمّر وجهك أو تتلبك معدتك.

التعاطف المعرفي (Cognitive empathy): يتضمن القدرة على فهم الحالة العقلية لشخص آخر وما قد يفكر فيه استجابة للموقف، وهذا مرتبط بما يشير إليه علماء النفس بـ  ” نظرية العقل ” أو التفكير فيما يفكر فيه الآخرون.

التعاطف، العطف والشفقة

يوجد بالفعل صلة وصل بين العطف (sympathy) والشفقة (compassion) وبين التعاطف، لكن هناك اختلافات مهمة بينهم، إذ يُعتقد غالباً أن العطف والشفقة هما ارتباط وتواصل غير فعال أو “سلبي” مع مشاعر الشخص الآخر، بينما ينطوي التعاطف عموماً على محاولات أكثر فعالية لفهم شخص آخر.

استخدامات للتعاطف

من استخدامات التعاطف الشائعة نذكر ما يلي:

يتيح بناء علاقات اجتماعية مع الآخرين: من خلال فهم ما يفكر الناس فيه ويشعرون به، ستكون قادراً على الاستجابة بشكل مناسب في المواقف الاجتماعية. وأظهرت الأبحاث أن وجود روابط اجتماعية أمر مهم للصحة الجسدية والنفسية على حد سواء.

يساعد في تعلم كيفية تنظيم المشاعر: يعتبر التنظيم العاطفي مهماً لأنه يسمح لك بإدارة ما تشعر به، حتى في أوقات التوتر الشديد، دون أن ترهق نفسك.

يعزز سلوكيات المساعدة: عندما تشعر بالتعاطف مع الآخرين لن يقتصر الأمر على احتمالية ممارستك سلوكيات مفيدة وحسب، بل من المرجح أيضاً أن يساعدك الآخرون عندما يتعاطفون معك.

المشاكل المحتملة للتعاطف

امتلاك قدرة كبيرة على التعاطف قد يجعلك تحمل همّ رفاهية وسعادة وعافية الآخرين، وقد تشعر في بعض الأحيان بالإعياء أو الإنهاك أو حتى التنبه المفرط بسبب التفكير الدائم في مشاعرهم، وقد يؤدي ذلك إلى إرهاق التعاطف (empathy fatigue)، وهو الإجهاد الذي قد تشعر به عاطفياً وجسدياً بعد التعرض المتكرر لأحداث مرهقة أو مؤلمة، وقد تشعر أيضاً بالخدر أو الضعف، وتنعزل عن الآخرين وتفتقر إلى الطاقة.

يُعد إرهاق التعاطف مصدر قلق في مواقف معينة، إحداها في حال كنت مقدم رعاية. وتظهر الدراسات أن عدم تمكن العاملين في مجال الرعاية الصحية من موازنة مشاعر التعاطف لديهم (التعاطف الوجداني بالأخص)، يؤدي إلى إرهاق التعاطف أيضاً، وتوصلت أبحاث أخرى إلى وجود رابط بين مستويات التعاطف العالية والميل نحو السلبية العاطفية، مما قد يزيد من خطر الإجهاد التعاطفي. يمكن أن تؤثر أيضاً على قدرة الفرد على الحكم ما يؤدي إلى سلوك يعاكس ما يحمله من أخلاق وقيم بناء على التعاطف الذي يشعر به مع الآخر. 

تأثير التعاطف

قدرتك على التعاطف قد تؤثر على علاقاتك، إذ وجدت الدراسات التي أجريت على مجموعة من الأشقاء أن وجود مستوى عالٍ من التعاطف بينهم يقلل من الخلافات ويزيد درجة المودة تجاه بعضهم البعض. كما أن للتعاطف دور في العلاقات العاطفية، فهو يعزز قدرتك على الغفران بشكل أكبر.

لا يشعر الجميع بالتعاطف في كل موقف، وقد يكون البعض أكثر تعاطفاً بطبيعتهم عموماً، لكن يختلف مستوى التعاطف تبعاً للشخص الذي يتعاطفون معه، فقد يكون مرتفعاً تجاه أحدهم ومنخفضاً تجاه آخر. تشمل بعض العوامل التي تلعب دوراً في مقدار تعاطفك مع شخص معين ما يلي:

  • كيف ترى الشخص الآخر.
  • الطريقة التي تصف بها سلوكيات الفرد الآخر وإلى ماذا تعزوها.
  • الأسباب التي تحملها المسؤولية عند حدوث مأزق مع الشخص الآخر.
  • خبراتك وتوقعاتك السابقة.

توصلت الأبحاث إلى أن مستوى التعاطف وطرق التعبير عنه يختلفان باختلاف الجندر، بالرغم من أن هذه النتائج متفاوتة إلى حد ما. تحصل النساء على درجات أعلى في اختبارات التعاطف، وتشير الدراسات إلى أنهن يملن إلى الشعور بالتعاطف المعرفي أكثر من الرجال.

بشكل أساسي، يبدو أن هناك عاملان رئيسيان يساهمان في القدرة على الشعور بالتعاطف وهما الجينات والتنشئة الاجتماعية، يتلخص ذلك بالأخص في المساهمات النسبية القديمة للطبيعة والتنشئة.

ينقل الآباء الجينات التي تساهم في الشخصية ككل، بما في ذلك الميل نحو العطف والتعاطف والشفقة. في المقابل، تنصقل شخصية الفرد وأفكاره اجتماعياً من قبل والديه وأقرانه ومجموعاته ومجتمعه، وغالباً ما تكون طريقة معاملة الشخص للآخرين وكذلك ما يشعر به تجاههم انعكاساً للمعتقدات والقيم التي تم غرسها في سن مبكرة جداً.

معوقات التعاطف

يفتقر بعض الأشخاص إلى التعاطف، وبالتالي لا يستطيعون فهم ما قد يختبره أو يشعر به شخص آخر، وهذا بدوره يؤدي إلى سلوكيات تبدو غير مبالية أو مؤذية في بعض الأحيان. مثلاً، الأشخاص ذوو التعاطف الوجداني المنخفض لديهم معدلات أعلى من التنمر الإلكتروني.

كما يعد الافتقار للتعاطف أحد السمات المميزة لاضطراب الشخصية النرجسية (narcissistic personality disorder)، لكن من غير الواضح فيما إذا كان السبب وراء ذلك هو أن من يعانون من هذه الاضطراب لا يمتلكون أي قدر من التعاطف، أو يعانون من خلل وظيفي في الاستجابة للآخرين.

من الأسباب التي تجعل الناس يفتقرون أحياناً إلى التعاطف هي الانحيازات المعرفية، والتجرد من الإنسانية، وإلقاء اللوم على الضحية.

الانحيازات المعرفية

في بعض الأحيان، تتأثر الطريقة التي ينظر بها الناس إلى العالم من حولهم بالانحيازات المعرفية. مثلاً، غالباً ما ينسب الناس فشل الآخرين إلى خصائص داخلية عند هؤلاء الأشخاص، بينما ينسبون تقصيرهم إلى عوامل خارجية.

قد تُصعّب هذه الانحيازات المعرفية رؤية جميع العوامل التي تساهم في حدوث الموقف، كما أنها تحد من القدرة على رؤيته من منظور شخص آخر.

التجرد من الإنسانية

يقع الكثيرون أيضاً ضحية فخ التفكير بأن الأشخاص المختلفين عنهم لا يشعرون ويتصرفون بنفس الطريقة التي يتصرفون بها. وهذا شائع بشكل خاص في الحالات التي يكون فيها الأشخاص الآخرون بعيدين جسدياً.

فمثلاً، عندما يشاهد الناس تقارير عن كارثة أو صراع في أرض أجنبية، قد يشعرون بتعاطف أقل إذا اعتقدوا أن أولئك الذين يعانون يختلفون جوهرياً عنهم.

لوم الضحية

أحياناً، عندما يقع شخص آخر ضحية تجربة مروعة، فإن الناس يلقون اللوم عليه ويحملونه مسؤولية الظروف التي مر بها، وهذا هو السبب في أن ضحايا الجرائم كثيراً ما يُسألون عما كان من الممكن أن يفعلوه بطريقة مختلفة لمنع الجريمة.

ينبع هذا اللوم الرغبة في الإيمان بأن العالم مكان عادل ومنصف، وأن الجميع يحصل على ما يستحق، وهذا ما قد يخدعك ويدفعك للتفكير في أن مثل هذه الأشياء الفظيعة لن تحدث لك أبداً.

أسباب التعاطف

من المؤكد أن البشر قادرون على التصرف بأنانية وقسوة حتى، ويتجلى ذلك بوضوح في نشرات الأخبار التي تتناول العديد من الأعمال الوحشية والأنانية والشائنة التي يقوم بها البشر. والسؤال الأساسي هنا هو لماذا لا ننخرط جميعاً في مثل هذا السلوك الذي يخدم الذات طوال الوقت؟ ما الذي يجعلنا نشعر بألم الآخرين ونتجاوب بلطف معه؟

طُرح مصطلح التعاطف لأول مرة في عام 1909 من قبل عالم النفس إدوارد بي. تيتشنر (Edward B. Titchener) مقتبساً إياه من المصطلح الألماني (einfühlung) والذي يعني “الشعور بـ “. بعد ذلك، اقتُرحت العديد من النظريات المختلفة لشرح التعاطف.

تفسيرات علم الأعصاب

أظهرت الدراسات أن مناطق معينة من الدماغ تلعب دوراً في طريقة الشعور بالتعاطف، بما في ذلك القشرة الحزامية الأمامية (anterior cingulate cortex) الفص الجزيري (anterior insula). إذ تركز المقاربات الحديثة على العمليات المعرفية والعصبية الكامنة وراء التعاطف.

تشير الأبحاث إلى وجود مكونات بيولوجية عصبية مهمة للشعور بالتعاطف، إذ أن تنشيط الخلايا العصبية المرآتية (mirror neurons) في الدماغ يلعب دوراً في القدرة على عكس وتقليد الاستجابات العاطفية التي قد يشعر بها الناس إذا كانوا في مواقف مماثلة.

تشير أبحاث التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي تحديداً أيضاً إلى أن منطقة من الدماغ تُعرف باسم التلفيف الجبهي السفلي (inferior frontal gyrus/ IFG) تلعب دوراً مهماً في الشعور بالتعاطف، وأن الأشخاص الذين أصيبوا بأضرار في هذه المنطقة من الدماغ غالباً ما يواجهون صعوبة في التعرف على المشاعر التي تنقلها تعابير الوجه.

التفسيرات العاطفية

ركزت بعض الاكتشافات المبكرة المتعلقة بموضوع التعاطف على فكرة أن الشعور بما يشعر به الآخرون يتيح إمكانية اختبار مجموعة متنوعة من التجارب العاطفية. ويقول الفيلسوف آدم سميث (Adam Smith) أن التعاطف يسمح لنا بتجربة أشياء قد لا نكون قادرين على الشعور بها بشكل كامل بخلاف ذلك.

وهذا يتضمن الشعور بالتعاطف مع كل من الأشخاص الحقيقيين والشخصيات الخيالية على حد سواء. فالشعور بالتعاطف مع الشخصيات الخيالية مثلاً يسمح للناس بخوض مجموعة متنوعة من التجارب العاطفية يستحيل أن تحدث دون وجود تلك الشخصيات.

التفسيرات الاجتماعية

اقترح أخصائي علم الاجتماع هربرت سبنسر (Herbert Spencer) أن التعاطف هو بمثابة وظيفة تكيفية ويساعد في بقاء الأنواع، إذ أنه يساعد في ظهور سلوكيات مساعدة الآخرين، ما يفيد العلاقات الاجتماعية، فالبشر مخلوقات اجتماعية بطبيعتها، والأشياء التي تحسن علاقاتنا مع الآخرين تفيدنا نحن أيضاً.

عندما يشعر الناس بالتعاطف، فمن المرجح أن ينخرطوا في سلوكيات اجتماعية إيجابية تفيد الآخرين، فالإيثار (Altruism) والبطولة مرتبطتان أيضاً بالشعور بالتعاطف مع الآخرين.

نصائح لممارسة التعاطف

لحسن الحظ، التعاطف مهارة يمكنك تعلمها وتقويتها، فإذا كنت ترغب في بناء مهارات التعاطف لديك، إليك بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها:

  • استمع إلى الناس دون مقاطعة.
  • انتبه إلى لغة الجسد والأنواع الأخرى من التواصل غير اللفظي.
  • حاول أن تفهم الناس، حتى ولو لم تتفق معهم.
  • اطرح أسئلة على الأشخاص لمعرفة المزيد عنهم وعن حياتهم.
  • تخيل نفسك مكان الشخص آخر.
  • عزز اتصالك بالآخرين لمعرفة المزيد عن شعورهم.
  • حاول تحديد الانحيازات التي يحتمل أن تكون لديك وكيف تؤثر على تعاطفك مع الآخرين.
  • ابحث عن الطرق التي تتشابه بها مع الآخرين وركز على الاختلافات أيضاً.
  • استعد جيداً لإمكانية شعورك بالضعف، وتقبل ما تشعر به.
  • انخرط في تجارب جديدة، وهو ما سيمنحك إدراكاً أفضل لما قد يشعر به الآخرون في هذا الموقف.
  • شارك في المنظمات التي تحث على التغيير الاجتماعي.

خلاصة

رغم أن البعض قد يفتقر إلى التعاطف، فإن الكثير منا قادر على التعاطف مع الآخرين في مجموعة متنوعة من المواقف، تلعب هذه القدرة على رؤية الأشياء من منظور شخص آخر، والتعاطف مع مشاعر الآخرين دوراً مهماً في حياتنا الاجتماعية. يتيح لنا التعاطف فهم الغير، وفي كثير من الأحيان، يحثنا على اتخاذ إجراءات لتخفيف معاناة شخص آخر.

اقرأ أيضاً: أنواع العواطف والفرق بينها وبين المشاعر

اقرأ أيضاً: معلومات مهمة عن المشاعر يجب معرفتها

اقرأ أيضاً: الاعتماد العاطفي، تعريفه، أعراضه وعلاجه

المصدر: ?What Is Empathy

تدقيق: أماني عباس

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: