يعتقد العديد من علماء النفس المعاصرين أن هناك خمسة أبعاد أساسية للشـخصيـة، والتي يُشار إليها غالباً باسم السمات الخمسة الكبرى “Big 5“. وهي: الانبساط، الوفاق، الانفتاح، الوعي، والعصابية. الأبعاد الخمس الكبرى للشخصية, عوامل الشخصية الخمسة الكبرى, الصفات الشخصية الخمسة الكبرى, السمات الشخصية الخمسة الكبرى.
حاولت نظريات سمات الشخصية طويلاً تحديد عدد السمات الشخصية الموجودة بالضبط، واقترحت النظريات الأولى عدداً متنوعا من السمات المحتملة، بما في ذلك قائمة جوردون ألبورت المكونة من 4000 سمة شخصية والعوامل الشخصية الـ 16 لـ ريموند كاتل، ونظرية العوامل الثلاث لـ هانز آيزنك.
ومع ذلك، رأى العديد من الباحثين أن نظرية كاتل كانت معقدة للغاية وأن نظرية آيزنك كانت محدودة النطاق بشكل كبير؛ وظهرت نتيجة لذلك نظرية العوامل الخمس لوصف السمات الرئيسية التي تخدم بوصفها اللبنات الأساسية لبناء الشخصية.
الأبعاد الخمس الكبرى للشخصية
يعتقد العديد من الباحثين اليوم أن هناك خمس سمات شخصية جوهرية، وقد تزايدت الأدلة على هذه النظرية لسنوات عديدة، بدءاً من بحث دي دبليو فيسك (1949) ثم توسعت بعد ذلك بواسطة باحثين آخرين بما في ذلك نورمان (1967)، سميث (1967)، جولدبرغ (1981)، ماكراي وكوستا (1987) .
يدل مصطلح “الخمسة الكبرى” على فئات واسعة من سمات الشخصية، في حين أن هناك مجموعة كبيرة من المؤلفات التي تدعم هذا النموذج المكون من خمسة عوامل للشخصية، إلا أن الباحثين لا يتفقون دائماً على التسميات الدقيقة لكل بُعد. الصفات الشخصية الخمسة الكبرى, عوامل الشخصية الخمسة الكبرى.
من المهم ملاحظة أن كل عامل من عوامل الشخصية الخمس يمثل نطاقاً ممتداً بين نقيضين. على سبيل المثال، يمثل الانبساط سلسلة متصلة بين الانفتاح المفرط والانطواء المفرط، ويقع معظم الناس في العالم الحقيقي في مكان ما بين قطبي كل بُعد. وعادة ما يتم وصف هذه الفئات الخمس على النحو التالي.
الانفتاح
تتميز هذه السمة بخصائص مثل الخيال والبصيرة، ويميل الأشخاص ذوو المستوى العالي من هذه السمة أيضاً إلى أن يكون لديهم مجموعة واسعة من الاهتمامات، فهم فضوليون لمعرفة العالم والناس الآخرين ومتلهّفون لتعلم أشياء جديدة ويستمتعون بالتجارب الجديدة.
يميل الأشخاص الذين يتمتعون بمستوى عالٍ من هذه السمة إلى أن يكونوا أكثر مغامرةً وإبداعاً، وغالباً ما يكون الأشخاص الذين لديهم مستوى منخفض منها أكثر تقليدية وقد يواجهون صعوبة في التفكير المجرد.
يتميز ذو المستوى العالي من الانفتاح بأنه:
- مبدع جداً
- منفتح أمام تجربة أشياء جديدة
- ينصب تركيزه على مواجهة التحديات الجديدة
- يسعده التفكير في المفاهيم المجردة
يتصف ذو المستوى المنخفض من الانفتاح بأنه:
- يكره التغيير
- لا يستمتع بالأشياء الجديدة
- يقاوم الأفكار الجديدة
- ذو خيال محدود
- يكره المفاهيم النظرية أو المجردة
الوعي
تشمل السمات القياسية لهذا البُعد مستويات عالية من التفكير والتحكم الجيد في الدوافع والسلوكيات الموجهة نحو الهدف، ويميل الناس ذوو الوعي العالي إلى التنظيم ومراعاة التفاصيل فهم يخططون مسبقاً، يفكرون في كيفية تأثير سلوكهم على الآخرين ويضعون في اعتبارهم المواعيد النهائية للأمور.
يتصف من لديه مستويات عالية من الوعي بالآتي:
- قضاء الوقت في التحضير
- إنهاء المهام المهمة على الفور
- الانتباه للتفاصيل
- الاستماع بوجود جدول زمني محدد
يتصف من لديه مستويات منخفضة من الوعي بأنه:
- يكره التنظيم والجداول الزمنية
- فوضوي ولا يهتم بالأشياء
- يفشل في إعادة الأشياء أو وضعها حيث تنتمي
- يماطل في المهام الهامة
- يفشل في إكمال المهام الضرورية أو الموكلة إليه
الانبساط
يتميز الانبساط بالحماس، المتعة، الاندماج الاجتماعي، التحدث، الحزم وبمقدار عال من التعبير العاطفي. فالشخص الذي يتمتع بمستوى مرتفع من الانبساط يكون اجتماعياً ويميل إلى شحذ طاقته من المواقف الاجتماعية أي البقاء مع الآخرين لمساعدته على الشعور بالنشاط والحماس.
في المقابل، يميل الشخص الذي لديه مستوى منخفض من الانبساط (الانطوائي) إلى أن يكون متحفظاً أكثر ويمتلك طاقة أقل للاندماج في البيئات الاجتماعية، ويمكن أن يشعر أن الأحداث الاجتماعية تستنزف طاقته، وغالباً ما يتطلب الأمر أن ينغلق على نفسه ويحظى بفترة من العزلة والهدوء من أجل “إعادة شحن طاقته”.
يتصف من يمتلك مستوى عال من الانبساط بأنه:
- يستمتع بكونه محور الاهتمام
- يحب أن يباشر ببدء المحادثات
- يستمتع بمقابلة أشخاص جدد
- لديه دائرة اجتماعية واسعة من الأصدقاء والمعارف
- يكتسب صداقات جديدة بسهولة
- يشعر بالطاقة عندما يكون حول الناس الآخرين
- يتحدث قبل التفكير ملياً
يتصف من لديه مستوى منخفض من الانبساط بأنه:
- يفضل العزلة
- يشعر بالإنهاك عندما يضطر للتواصل الاجتماعي كثيراً
- يجد صعوبة في البدء بالمحادثات مع الآخرين
- يكره القيام بحديث صغير
- يفكر ملياً قبل التكلم
- لا يحب أن يكون محور الاهتمام
الوفاق
ويشمل هذا البعد الشخصي سمات مثل الثقة، الإيثار، اللطف، المودة والسلوكيات المؤيدة للمجتمع الأخرى، ويميل الأشخاص ذوو المستوى العالي من الوفاق إلى أن يكونوا أكثر تعاوناً، في حين يميل الأشخاص ذوو المستوى المنخفض من هذه السمة إلى أن يكونوا أكثر تنافسية وأحياناً متلاعبين.
يتصف ذو المستوى العالي من الوفاق بأنه:
- يهتم بالناس الآخرين كثيراً
- يعتني بالآخرين
- يشعر بالتعاطف والاهتمام تجاه الآخرين
- يستمتع بمساعدة الآخرين والمساهمة في سعادتهم
- يساعد الآخرين ممن يحتاجون إلى المساعدة
يتصف من لديه مستوى منخفض من الوفاق بالآتي:
- لا يهتم بالآخرين
- لا تعنيه بمشاعر الغير
- لديه اهتمام قليل بمشاكل الآخرين
- يوجه الإهانات ويميل إلى التقليل من شأن الآخرين
- يتلاعب بالغير للحصول على ما يريد
- العصابية
العصابية
العصابية هي سمة تتميز بالحزن والمزاجية وعدم الاستقرار العاطفي، ويعاني من لديهم درجة عالية من هذه السمة من تقلبات مزاجية، قلق، انفعال وحزن. يميل أولئك الذين يعانون من انخفاض في هذه السمة إلى أن يكونوا أكثر استقراراً ومرونة عاطفياً.
يتصف من لديه مستوى عال من العصابية بأنه:
- يعاني من الكثير من التوتر
- يقلق على العديد من الأشياء المختلفة
- يشعر بالغضب بسهولة
- يعاني من تقلبات كبيرة في المزاج
- يشعر بالقلق
- يكافح من أجل استعادة توازنه بعد الأحداث المجهدة
يتصف من لديه مستوى منخفض من العصابية بأنه:
- مستقر عاطفياً
- على معرفة جيدة بالتعامل مع الإجهاد
- نادراً ما يشعر بالحزن أو الاكتئاب
- لايقلق كثيراً
- مسترخ للغاية
هل السمات الخمسة الكبرى عالمية؟
وجد ماكراي وزملاؤه أن السمات الخمسة الكبرى عالمية بشكل ملحوظ، ووجدت إحدى الدراسات التي نظرت إلى أشخاص ينحدرون من أكثر من 50 ثقافة مختلفة أن الأبعاد الخمس يمكن استخدامها بدقة لوصف الشخصية.
واستناداً إلى هذا البحث، يعتقد العديد من علماء النفس الآن أن أبعاد الشخصية الخمس ليست عالمية فحسب؛ بل لديها أيضاً أصول بيولوجية. وقد طرح عالم النفس ديفيد بوس التفسير التطوري لهذه السمات الشخصية الخمسة الجوهرية مشيراً إلى أنها تمثل أهم الصفات التي تشكل الرؤية والبيئة الاجتماعية للفرد.
ما العوامل المؤثرة في الصفات الخمسة الكبرى؟
تشير الأبحاث إلى أن التأثيرات البيولوجية والبيئية تلعبان دوراً في تشكيل شخصيتنا على حد سواء، وتشير الدراسات التوأمية إلى أن كُلا من الطبيعة والتنشئة تلعبان دوراً في تطوير كل عامل من عوامل الشخصية الخمس.
تناولت إحدى الدراسات الأسس الوراثية والبيئية للصفات الخمس لدى 123 زوجاً من التوائم المتطابقة و127 زوجاً من التوائم غير المتطابقة (الأخوية)، وأشارت النتائج إلى أن العامل الوراثي (التوريث) لكل سمة كان 53% للانبساط و41% للوفاق و 44% للوعي و 41% للعصبية و61% للانفتاح. الصفات الشخصية الخمسة الكبرى.
تشير الدراسات الطولية أيضاً إلى أن هذه السمات الشخصية الخمسة الكبرى تميل إلى أن تكون مستقرة نسبياً على مدار مرحلة البلوغ. وجدت دراسة للبالغين في سن العمل أن الشخصية تميل إلى أن تكون مستقرة على مدى أربع سنوات وتُظهر تغييراً قليلاً نتيجة لأحداث الحياة السلبية. الأبعاد الخمس الكبرى للشخصية, عوامل الشخصية الخمسة الكبرى, الصفات الشخصية الخمسة الكبرى, السمات الشخصية الخمسة الكبرى.
وقد أظهرت الدراسات أن النضج قد يكون له تأثير على السمات الخمسة. مع تقدم الناس في السن، فإنهم يميلون إلى أن يصبحوا أقل انبساطاً وعصبية وانفتاحاً على التجربة. من ناحية أخرى، فقد يزداد الوفاق والوعي لديهم كلما تزايدت أعمارهم.
خلاصة
تذكر دائماً أن السلوك ينطوي على التفاعل بين الشخصية الكامنة للفرد والمتغيرات الظرفية. إذ يجد الشخص نفسه يلعب دوراً رئيسياً في موقف ما من ناحية كيفية ردة فعله. ومع ذلك، في معظم الحالات، يُظهر الناس استجابات تتفق مع سمات شخصيتهم الأساسية.
تمثل أبعاد الشخصية مجالات واسعة من الشخصية، وقد أظهرت الأبحاث أن هذه المجموعات من الخصائص تميل إلى الحدوث معاً عند العديد من الناس. على سبيل المثال، يميل الأفراد الاجتماعيون إلى التحدث بكثرة، ومع ذلك فإن هذه السمات قد لا تحدث دائماً معاً.
الشخصية معقدة ومتنوعة وقد يُظهر كل شخص سلوكيات من خلال العديد من هذه الأبعاد.
اقـرأ أيضاً: الشخصية، سماتها، أنواعها والنظريات النفسية الكامنة وراء تطورها
اقرأ أيضـاً: ما هو عدد سمات الشخصية الموجودة؟
اقـرأ أيضاً: أهداف تطوير الشخصية، وضعها وقياسها
المصدر: ?What Are the Big 5 Personality Traits
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم