ضرر التقاط المراهقين الكثير من الصور الشخصية 

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

يستكشف المراهقون في يومنا هذا مظاهر اجتماعية جديدة ومعقدة عبر الإنترنت، وقد يزيدها تعقيداً العديد من الصور الشخصية أو المعروفة بالـ سيلفي (selfies) التي تنشر خلاله.

تقريباً، سمع جميع الآباء عبارة “فقط دعني ألتقط هذه الصورة أولاً” وشاهدوا ما يحدث بعدها من هرع لالتقاط عدة صور وقضاء ساعات في اختيار أفضلها للنشر.

يستخدم عدد كبير من المراهقين وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة للبقاء على اتصال مع المحيط والتعبير عن أنفسهم، ويعد نشر الصور الشخصية جزءاً كبيراً من ذلك.

هل هوس التقاط الصور الشخصية يشير إلى شيء سيء؟

وفقاً لدراسة حديثة العهد نشرت في مجلة (Early Adolescence)، يميل معظم المراهقين ممن ينشرون الكثير من صور السيلفي إلى أن يكونوا أكثر انتباهاً لمظهرهم الخارجي وما يصاحبه من مخاطر متزايدة لصورة الجسم السلبية (negative self-image).

وفقاً للدكتورة نانسي إس. موليتور (Nancy S. Molitor)، الأستاذة المساعدة في الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة نورث وسترن، فإن الأمر يبدو منطقياً. إذ تقول “يبحث أولئك المراهقون عن توكيد الذات من حيث مظهرهم الخارجي؛ لذلك، قد يكونوا مهيئين للتعرض لمشكلات صورة الذات السلبية قبل نشر تلك الصور حتى”.

عندما يتعلق الأمر بوسائل التواصل الاجتماعي، يخوض الجيل الحالي من المراهقين في مظاهر لا تشبه ما اختبره آباؤهم وأجدادهم من قبل. بالإضافة إلى أن ذلك، يبدأ الأمر في عمر مبكر.

تقول موليتور: “من الواضح أنه أمر مقلق، وهناك الكثير من الأبحاث التي يتم إجراؤها، لكنني أعتقد أن ما سنجده في النهاية هو عدم التأثر الكبير للأطفال الذين  يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي باعتدال؛ ولكن بالنسبة إلى من يستخدمها بشكل مفرط في أي عمر كان، أعتقد أننا سنجد الكثير من نقاط الضعف لديهم”.

علماً أن بعض الباحثين بدأوا بالفعل في البحث عن نقاط الضعف تلك.

الصور غير المثالية

بيّن تقرير لـ (Common Sense Media) أن الفتيات المراهقات يشعرن بالهمّ إزاء الطريقة التي يراهم الآخرون بها على مواقع التواصل. إذ تعاني 35% منهنّ من القلق حيال إشارة الأصحاب إليهن بمنشور لايبدون فيه جذابات و27% من القلق حول المظهر الذي ظهرن به في صورة نشرنها مسبقاً.

واعترف 22% منهن بشعورهنّ بالأسى والسوء لأن تلك الصور لم تحظى بإعجاب الآخرين ولم تحقق العدد المتوقع من الإعجابات والتعليقات. لذا، يجب على الآباء الانتباه للرابط بين التقاط السيلفي وصورة الجسد والذي قد ينذر بمشاكل أخرى. 

في حين يميل بعض المراهقين ممن لديهم صورة سلبية عن أجسامهم إلى نشر الصور الشخصية بحثاً عن قبول الآخرين وتوكيد ذاتهم، ربط بحث سابق صورة الجسم السلبية بارتفاع معدلات الاكتئاب، القلق والتفكير الانتحاري بين المراهقين.

قد تكون كثرة الصور التي يتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي إشارة إلى معاناة المراهق من صورة جسم سلبية وحاجته إلى التشجيع.

عامل النقر (The Click Factor)

تقول موليتور أن لديها أيضاً مخاوف أخرى بالإضافة إلى المشكلات الحالية التي قد يشير إليها إدمان الصور الشخصية.

فحسب قولها: ” شاهد هؤلاء الأطفال الكثير من برامج الواقع، وبصورة ما، فإن العديد منهم يصممون حركاتهم وتصرفاتهم ويوجهون حياتهم في الإنترنت لتعكس ما شاهدوه”.

وتضيف: ” هم لا يدركون حتى أنها زائفة وبأنهم لا يعيشون اللحظة؛ وهذا هو الشيء الذي يقلقني بشكل خاص، هل سيركزون بشدة على العالم الخارجي المحيط بهم (كيف أبدو؟ ما رأي الناس بي؟) إلى درجة أن يفقدوا الاتصال بأنفسهم والأثر الكبير لتطوير علاقات طبيعية، حقيقية وصادقة.

قد يكون هذا شيئاً نراه يتطور على مدى 5 أو 10 أو 15 سنة من السنوات القادمة، هل من الممكن ألا يكون هؤلاء الأطفال مجهزين لبناء علاقات سليمة وحقيقية والحفاظ عليها؟”. بمعنى هل سيربط هؤلاء الأشخاص حياتهم بـ “نقرة الإعجاب”.

التجربة الفردية

أجرت ليسا سالومون ( Ilyssa Salomon )، طالبة الدكتوراه في جامعة كنتاكي، دراسة مؤخراً بحثت فيها عن المراهقين وصور السيلفي.

أوضحت الدراسة ما يلي: “يجب على الآباء والأطباء أن يفهموا أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي هو تجربة فردية للغاية. إذ يتمتع المراهقون بقدر كبير من الحرية في ما ينشرونه وينظرون إليه بالإضافة إلى كيفية تفسيرهم ما يرونه. وكانت النتائج التي توصلنا إليها أعلى بين للفتيات وأولئك الذين يركزون على كسب قبول الآخرين؛ أي الذين يرغبون في تغيير سلوكهم ليتناسب مع غيرهم”.

قد يرغب عدد أكبر من المراهقين في تعديل سلوكهم لكسب قبول الآخرين دون أن ينتبه الأهل لهذا الأمر، وتلعب وسائل التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في ذلك أحياناً.

عام 2014، وجدت دراسة أجرتها مجلة (Adolescent Health) أن زيادة التقاط المراهقين للصور أثناء مشاركتهم في سلوك يشوبه الخطر ونشرها على مواقع التواصل يرافقه زيادة خطر التدخين وشرب الكحول لديهم بشكل كبير.

أعطت سالومون بصيص أمل بقولها: “لن يستخدم كل المراهقين وسائل التواصل الاجتماعي بنفس الطريقة، وحتى لو فعلوا ذلك سيؤثر الأمر على كل منهم بشكل مختلف. يجب أن تشجع نتائجنا الآباء والأطباء على التعمق أكثر والتحدث مع المراهقين حول سبب قيامهم بنشر أشياء معينة على وسائل التواصل الاجتماعي وما هو شعورهم حيالها وشرح المخاطر المرتبطة بسلوكيات مثل نشر صور شخصية”. قد يكون هذا صحيحاً بشكل خاص للمراهقين في المجموعات الأكثر ضعفاً وقابلية للتأثر.

الحاجة للمزيد من الأبحاث

تشير سالومون إلى أن هناك انعكاسات إضافية يجب مراعاتها عند التفكير في كيفية تأثير هذه المشكلات على المراهقين من مجتمع الميم (LGBTQ). إذ تقول: “تحدد كيفية تصوير الناس في وسائل الإعلام الشعبية معايير الجسم المثالية التي يسعى المراهقون لتحقيقها، وتميل الثقافة الغربية إلى إعطاء قيمة أكبر لنحف النساء، بروز العضلات لدى الرجال، لون البشرة البيضاء والمغايرة الجنسية (heterosexuality)”.

غالباً ما يكون التمثيل الإعلامي لأفراد مجتمع الميم وأصحاب البشرة الملونة (ليسوا من ذوي البشرة البيضاء) وخاصة النساء منهم، نمطياً إلى حد كبير وله طابع جنسي حتى فتيشياً أحياناً (أي التركيز على أماكن معينة من الجسد للإثارة الجنسية)، وهنا، بالنسبة للمراهقين الذين ينتمون إلى هذه المجموعات أو يتماهون معها، قد تكون معايير الثقافة المتعلقة بالجسد محدودة وغير واقعية أكثر؛ مما قد يثير مشاعر خزي أكبر تجاه أجسادهم”.

تقول سالومون أن هناك حاجة ماسة لمزيد من الأبحاث التي تتناول هذه القضايا ضمن فئات المراهقين الملونين والمنتمين إلى مجتمع الميم. رغم أن الأبحاث قد تم إجراؤها في السنوات الأخيرة، فإن العديد من النتائج كانت مثيرة للقلق.

يواجه شباب مجتمع الميم التنمر والمضايقة عبر الإنترنت بما يقارب الثلاثة أضعاف مقارنة بغيرهم من خارج تلك الفئة، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن (GLSEN) عام 2013. نتيجة لذلك، من المرجح أن يعاني المراهقون في هذه الفئة من تقدير الذات السلبي ومعدلات اكتئاب أعلى. ولكن، في ظل الانتصارات المتوالية لوسائل التواصل الاجتماعي، وُجد أن المراهقين من هذا المجتمع يتمتعون أيضاً بإمكانية وصول أكبر لدعم الأقران، المعلومات الصحية وفرص المشاركة المدنية كأي فرد عبر الإنترنت.

التحكم في الصور الشخصية

تشير سالومون إلى أن التقلبات في شكل أجساد المراهقين أمر طبيعي ويجب توقعه لأنهم يمرون بالكثير من التغييرات البدنية والنفسية خلال فترة البلوغ، وشددت على أن وسائل التواصل الاجتماعي نفسها ليست العدو الوحيد، وعلى وجوب أن يكون هدف الآباء هو مساعدة المراهقين على الإبحار في عالم وسائل التواصل الاجتماعي بطرق مفيدة وإيجابية. 

إذ تقول: “عندما يتفاعل المراهقون مع وسائل التواصل الاجتماعي يتعلمون القيم الثقافية التي تخص أجسادهم، سواء كانوا يقصدون ذلك أم لا”، وتضيف: “إذا أراد الآباء لعب دور فعال أكثر في صقل هذه القيم، عليهم محاورة أبنائهم المراهقين حول صورة الجسد وكيف تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي عليها”.

تحث موليتور أيضاً الآباء على أن يكونوا أكثر حرصاً تجاه تفاعلاتهم الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي والقدوة التي يقدمونها لأبنائهم.

تضيف بالقول: “إذا كنت قلقاً بشأن ابنتك أو ابنك، انظر إلى نفسك أولاً، كم مرة تلتقط الصور؟ كم مرة تستخدم هاتفك؟ ماذا يعني لك الأمر وما هو التأثير الذي قد يتركه استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي على ابنك أو ابنتك؟”، وتشجع الآباء على التحكم في صورهم وأن يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم ويولوا اهتماماً حقيقياً بحياة المراهقين في العالم الحقيقي.

تنصح موليتور بإظهار الاهتمام والعناية بكل معانيها للطفل، شخصيته، صدقه ونقاط قوته. وتقول أنه مع بذل الأهل جهداً حقيقياً للتواصل بشكل أكبر بعيداً عن شاشات الأجهزة وعالم الإنترنت، يتعلم أطفالهم إعطاء قيمة أقل للتفاعلات التي تحدث في العالم الافتراضي الخاص بهم أيضاً.

اقرأ أيضاً: هل يرتبط استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بأعراض القلق الاجتماعي؟ 

اقرأ أيضاً: ما علاقة الهاتف المحمول ووسائل التواصل الاجتماعي بالضغط النفسي؟

اقرأ أيضاً: خمس نصائح تساعدك على التخلص من إدمان الهاتف المحمول

المصدر: Taking Too Many Selfies May be Bad for Your Teen’s Health

تدقيق: هبو مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: