You do not have permission to view this result. مراحل التعافي من الكارثة، الاستجابة الطارئة على المدى الطويل | Obstan - أوبستان

مراحل التعافي من الكارثة، الاستجابة الطارئة على المدى الطويل

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

عندما تحلّ كارثة على مكان ما، تتصدر آثارها العناوين وتملأ صورها الشاشات وتضج القنوات الإذاعية بأخبارها. إذا بقيت حالة الطوارئ  تهيمن على الأخبار لمدة تزيد عن أسبوع أو أسبوعين، فيبدو أن التغطية ستطول. يتناول المقال مراحل التعافي من الكارثة والاستجابة للكوارث.

بشكل عام، تغطي وسائل الإعلام المرحلة الأولى فقط من الكارثة. لكن كشف عمل المنظمات الإغاثية في الاستجابة طويلة المدى للكوارث عن وجود مراحل عدة للكارثة قد تستمر لأشهر أو حتى سنوات. قد تختلف تسميات هذه المراحل، إلا أن عناصرها وسياقاتها الأساسية هي ذاتها.

كل كارثة فريدة من نوعها ولا تشبه غيرها وتتطلب تقييماً دقيقاً. ونظراً لأن الإغاثة والتعافي قد يستغرقان وقتاً طويلاً، من المهم ابتكار خطة استجابة استراتيجية لتحديد الأشخاص الأكثر تأثراً وتضرراً ومساعدتهم.

لذا، ضمن استجابتها الأولية، تجري المنظمات الإغاثية تقييمات للحاجات وتجمع المعلومات بأسرع وقت ممكن لتحديد المصادر المتاحة، الشركاء وما يتوفر من ماديات في المجتمعات المتضررة.

في الحقيقة، لا تتبع مراحل التعافي من الكارثة مساراً أو جدولاً زمنياً محددين بدقة دائماً. لكن، تتجلى عدة مراحل مع بدء المجتمعات بإعادة بناء حياتها بعد الكوارث.

مراحل التعافي من الكارثة، البحث والإنقاذ (Search and Rescue)

بشكل عام، تستغرق مرحلة البحث والإنقاذ الأولية ساعات أو حتى أياماً عقب الكارثة. يتطلب الوقت الذي يلي الحدث مباشرة استجابة سريعة بهدف إنقاذ حياة أولئك الذين يحدق الخطر بهم. خلال بضعة أيام، تنتهي هذه المرحلة عادة وتتوجه الجهود نحو توفير الدعم للناجين.

لكن، في إعصار كاترينا عام 2005، امتدت مرحلة البحث والإنقاذ لعدة أسابيع.

بينما كان الناس محتجزين في منازلهم وتحيط بهم مياه الفيضان من كل حدب وصوب، كان البعض الآخر قادراً على تأمين الطعام والشراب أو تشارك إمدادات ومؤن الطوارئ مع جيرانه. يمكّن هذا الأمر الناجين من الصمود فترة أطول حتى يصل إليهم المنقذون.

لم تشترك المنظمات الإغاثية في عمليات الإنقاذ، بل قامت بها السلطات المحلية وفرق الاستجابة للكوارث المختصة.

مراحل التعافي من الكارثة، الإغاثة الطارئة (Emergency Relief)

تبدأ مرحلة الإغاثة الطارئة عقب الكارثة مباشرة، وتلبي ببساطة الحاجات الأساسية اللازمة لبقاء الناس على قيد الحياة. إذ يحتاجون الطعام، الشراب، الملجأ والأدوية، ويحتاج المصابون بجروح بليغة المساعدة الطبية العاجلة.

بعد التقييم الأولي للوضع وحاجات المجتمعات المتضررة، تعمل المنظمات الإغاثية مع الشركاء وتدعم أي جهة أو طرف يقوم بجهود على أرض الواقع.

يمكن أن تمتد الإغاثة الطارئة لوقت طويل أو تنتهي بسرعة نسبياً، ويعتمد ذلك على طبيعة حالة الطوارئ والمصادر المتاحة. ويرتبط الوقت المستغرق للتعافي بحجم الكارثة، استعداد البلد، مدى تضرر المناطق وإمكانية الوصول إليها، والمصادر المتاحة مباشرة أو محلياً.

في البلدان المزدهرة نسبياً مثل تشيلي واليابان. على سبيل المثال، تكون بنية المجتمعات والحكومة أفضل من حيث الاستعداد للطوارئ مقارنة بالبلدان ذات المصادر المحدودة مثل هايتي.

في هايتي، استمرت مرحلة الإغاثة بعد زلزال 2010 عند بعض الأشخاص حتى السنة التالية. واستغرقت مدة أطول من ذلك عند بعض سكان هذه المنطقة ممن عاشوا في ظروف صعبة حتى قبل أن يضرب الزلزال بلدهم.

بالنسبة لهم، تأمين الحاجيات الأساسية للبقاء؛ الطعام الشراب الملجأ والرعاية الطبية كان نوعاً من الكفاح اليومي في الأساس.

في المقابل، استمرت فترة الإغاثة الطارئة مدة أشهر قليلة بعد الزلزال الذي ضرب تشيلي في شباط عام 2011، وذلك لأن تشيلي مستعدة بشكل أفضل للاستجابة نظراً لاعتيادها على مثل هذا النوع من الكوارث.

في كل الحالات، تنتقل مرحلة الإغاثة إلى مرحلة التعافي عندما توضع نظم الإغاثة على مسارها ويزول خوف الناس وقلقهم على بقائهم ويكونون قادرين على الالتفات نحو إعادة بناء حياتهم.

مراحل التعافي من الكارثة، التعافي الأولي (Early Recovery)

في مرحلة التعافي الأولي من الكارثة، يكون السكان المتضررون في مرحلة انتقالية أكثر استقراراً. إذ يتوفر الطعام والشراب والملجأ المؤقت الذي يحميهم من الرياح والأمطار.

يستطيعون تدبير شؤونهم اليومية واستئناف بعض الأمور الحياتية، ويعود الأطفال إلى الدراسة تدريجياً، على الرغم من أن الدروس قد تكون في أماكن مؤقتة غير مدارسهم. ربما لم يشفى المتضررون تماماً بعد، إلا أنهم قد بدأوا في التكيف مع الوضع ” الطبيعي الجديد”.

قد تستمر مرحلة التعافي الأولي أسابيعاً، أشهراً وحتى سنوات. بينما تتبع المراحل من الإغاثة إلى التعافي نمطاً متشابهاً، فإن الجدول الزمني لمقدار سرعة المجتمع في اتباع هذا المسار يعتمد على مدى تأثره في البداية بالكارثة، الوصول إلى الموارد، القابلية للتكيف إضافة إلى اعتبارات أخرى.

مراحل التعافي من الكارثة، التعافي المتوسط إلى طويل المدى (Medium to Long-Term Recovery)

خلال مرحلة التعافي المتوسط إلى طويل المدى من الكارثة، تبدأ أعمال بناء أماكن سكن دائمة لاستبدال الخيام، والكرفانات وغيرها إضافة إلى استرجاع الهيكليات والبنى الاجتماعية

تُبنى المنازل الدائمة، ويستعيد النسيج الاجتماعي قوته وترابطه. يعود الأطفال إلى الأبنية المدرسية، وتنفتح فرص جديدة أمام البالغين لتحسين أمورهم المعيشية والاقتصادية. تبدأ الحياة أخيراً بالاستقرار من جديد.

مراحل التعافي من الكارثة، تنمية المجتمع (Community Development)

هو وسيلة لتحسين ما هو “طبيعي” بالنسبة للناس. عادة، لا تعد هذه المرحلة جزءاً من استجابة الطوارئ للكوارث. لكن تعد التنمية أولوية بالنسبة لمنظمات الإغاثة؛ إذ يوفر البقاء في مكان ما بعد الكارثة فرصاً مهمة للتفاعل على المدى البعيد.

الآن وبعد أن استقرت حياة السكان نسبياً، تستطيع منظمات الإغاثة معالجة بعض الأسباب الجذرية المتعلقة بالظروف والتي فرضت تحديات ملحوظة وكبيرة على المجتمع.

تعد تنمية المجتمع ركيزة عمل المنظمات الإغاثية سواء حصلت الكارثة أم لا. لكن بعد سنوات من وضع نظم التعافي موضع التنفيذ وعلى مسارها الصحيح، يمكن تعزيزها والاستفادة منها لتحسين حياة الناس إلى ما هو أبعد من مجرد التعافي من الكارثة.

في بعض الأوقات، تنشئ المنظمات مكتباً ميدانياً ثم تبدأ البرامج، المنظمات، الجهات والمبادرات الأخرى عملها على أساس راسخ.

هناك انتقال طبيعي من الإغاثة إلى التنمية. لكن، ومن أجل أن تكون المنظمات الإغاثية فعالة، تعمل مباشرة مع المجتمعات المتضررة لتحديد الأولويات من الحاجات وكيف ومتى تنخرط هذه المنظمات بالعمل.

تنمية المجتمع هي المرحلة التي يتم التركيز فيها على جعل الحياة اليومية للمجتمعات المهمشة أو الضعيفة أفضل؛ تلك المجتمعات التي يكون السكان فيها مجرد أشخاص على قيد الحياة بعيداً عن الازدهار أو التطور.

دور المنظمات الإغاثة في تنمية المجتمع

عندما تنتقل المنظمات الإغاثية إلى مرحلة تنمية المجتمع، تكون الحياة المعيشية وكسب الرزق، جودة الحياة والوصول إلى التعليم والرعاية الصحية أولوية بالنسبة لهم.

تعمل برامج الصحة التابعة لهذه المنظمات مع المجتمع للتركيز على تدريب العاملين في المجال الصحي وزيادة الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية وتوفير منبر للتغيير السلوكي.

يمكن أن ينطوي تعزيز سبل العيش على تدريب مجموعة من النساء على التمويل الصغير وتقديم منحة أولية لهم بدلاً من مجرد توزيع المال على أفراد المجتمع المتضرر. يمكن أن تستغرق هذه المرحلة عقوداً من الزمن.

تتشابك أهداف المنظمات الإغاثية مع أهداف المنظمات التنموية : اقتلاع الفقر من جذوره، توفير التعليم للجميع وإنقاذ حياة الأمهات والأطفال من الأمراض.

من وجهة نظر المنظمات الإغاثية، تعزيز كل من التعليم والقدرة والأهلية عنصر جوهري في بلوغ هذه الأهداف وتدريب وتقوية الناس للإمساك بزمام حياتهم وبيئتهم بشكل أفضل.

يتمثل الهدف في نقل المجتمعات المتضررة للتو والتي تعاني في الأصل إلى مكان لا يمكن العودة فيه إلى ما سبق في حال حصول كارثة أخرى أو مواجهة تحديات مستمرة.

الحد من أخطار الكارثة

هناك نموذج جديد نسبياً في السلسلة الممتدة من الإغاثة إلى التنمية وهو (الحد من أخطار الكارثة/Disaster Risk Reduction).

ومن أجل أن يعمل هذا النموذج على أتم وجه، يجب اتخاذ خطوات من المجتمع قبل أن تضرب الكارثة. إذ يحتاج إلى تقليل مدى ضعفه وهشاشته أمامها من خلال إجراءات ملموسة على أرض الواقع وتبني سلوكيات معينة.

لا يتعلق الحد من أخطار الكارثة باستعداد الفرد فحسب؛ معرفته أماكن المصابيح اليدوية وإغلاق النوافذ وغيرها. بل بالتقليل من المخاطر التي تحدق بالمجتمع ككل؛ إزالة الأخطار التي من شأنها أن تفاقم ضائقة ومحنة المجتمع في حالات الطوارئ.

على سبيل المثال، تكون بعض المناطق معرضة لخطر الكارثة أكثر من غيرها. لذا، يقوم سيناريو الحد من أخطار الكارثة على ردع السكان عن إعادة بناء منازلهم في مثل هذه المناطق.

لا يولي الحد من المخاطر أهمية لحياة الناس فحسب، بل للضروريات الأساسية مثل السكن والزراعة.

هناك العديد من التدابير التي بإمكان أي مجتمع اتخاذها لزيادة فرصه في النجاة بحيث لا يكون تأثير الكارثة كبيراً في حال كان حدوثها حتمياً لا مفر منه. إذ يمكن التقليل إلى حد كبير من خسارة الأرواح، تضرر البنى التحتية والتكاليف الاقتصادية والمعيشية التي تفرضها الكارثة.

يشكل كل من الاستعداد للكارثة والحد من أخطارها جزءاً كبيراً من عمل المنظمات الإغاثية خاصة في المناطق الأكثر تعرضاً لها. تضم المنظمات الإغاثية متطوعين مدربين على توزيع المؤن وتنسيق جهود الإعانة. وتعمل كوادرها على تدريب أفراد المجتمع على آلية عمل نموذج الحد من أخطار الكارثة.

تنظر المنظمات الإغاثية إلى الكارثة على أنها مسألة فقر. إذ يكون أثرها أعظم على المجتمعات الفقيرة حيث لا تمتلك البيوت أدنى مقومات السلامة والأمان.

في حالة المجتمعات الأقل تطوراً والأكثر عرضة للكوارث على وجه الخصوص، يرتبط البقاء في حالة مستمرة من الخطر بشكل وطيد بحلقة الفقر مما يجعل من الصعب الاستجابة للكوارث.

الشؤون البيئية

ترفع تنمية المجتمع من مستوى الوعي العام إزاء المخاطر التي يحملها أي موقف أو ظرف، إذ تركز على سبل العيش وكسب الرزق، تعزيز القدرة الفردية والمجتمعية والتعليم.

يشجع هذا الوعي المجتمعات حول العالم لاتخاذ خيارات أفضل. بهذه الطريقة، عندما تضرب الكارثة منطقة ما، يمكنها التعافي بشكل أسرع ويستطيع السكان العودة لأعمالهم والالتحاق بالمدارس بأقل الأضرار الممكنة وفترة انقطاع قليلة.

يتطلب الوقوف مع المجتمع خلال مراحل التعافي من الكارثة التزاماً طويل الأمد من جميع الأطراف المعنية. إذ يبدأ التعافي فقط عندما تُضمّد الجراح، يرتوي العطاش ويحصل الجياع على ما يكفيهم من قوت.

حتى بعد أن تنفض الشوارع غبار الأنقاض عنها ويعاد بناء المنازل تبقى حناجر الناجين تنادي أفراد المنظمات الإغاثية ليمدّوا يد العون لهم ويكونوا جنباً إلى جنب معهم في رحلتهم لجعل مجتمعهم أقوى وأفضل استعداداً لاحتمال بلاء آخر.

اقرأ أيضاً: دليل دعم المجموعات والفرق بعد الكارثة

اقرأ أيضاً: الدعم النفسي بعد الكارثة وأهميته خلال رحلة التعافي من الصدمة

اقرأ أيضاً: كيف تساعد الأطفال أو البالغين على التأقلم بعد الكارثة؟

المصدر: Phases of Disaster Recovery: Emergency Response for the Long Term

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: