نظرية المقارنة الاجتماعية، كيف تؤثر المقارنات على نظرتنا لأنفسنا؟

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

جميعنا يقارن نفسه بالآخرين في عالمنا الاجتماعي، سواء كان مقارنة مظهرنا بمظهر المشاهير الذين نشاهدهم في وسائل الإعلام، أو مقارنة ما نمتلكه من مواهب ومؤهلات بتلك التي يمتلكها زملاؤنا في العمل. في علم النفس، فإن نظرية المقارنة الاجتماعية هي إحدى التفسيرات وراء ميلنا لمقارنة أنفسنا بالآخرين، ولها نوعان التنازلية والتصاعدية.

فيما يلي نظرة عن كثب على نظرية المقارنة الاجتماعية (Social Comparison Theory) وكيف تؤثر المقارنات التي نجريها على النظرة التي نحملها تجاه أنفسنا.

نشأة نظرية المقارنـة الاجتماعيـة

كان عالم النفس ليون فستنجر (Leon Festinger) أول من طرح نظرية المقارنة الاجتماعية عام 1954 مقترحاً أن لدى الأشخاص دافع داخلي لتقييم أنفسهم، وأحياناً عن طريق المقارنة مع الآخرين.

يطلق الأفراد كل أنواع الأحكام على أنفسهم، وتشكل المقارنة الاجتماعية إحدى الطرق الأساسية لذلك أو عبر تحليل الذات مقارنة بالآخرين.

على سبيل المثال، لنفترض أن طالبة في المرحلة الثانوية سجلت للتو في صفوف فرقة موسيقية لتعلّم العزف على آلة الكلارينيت. وخلال تقييمها لمهاراتها ومستوى تقدمها، تقارن أداءها مع الطلاب الآخرين في الصف.

إذ يمكن أن تبدأ بمقارنة قدراتها مع أعضاء الفرقة الآخرين في قسم الكلارينيت، وتنتبه بشكل خاص لأولئك الذين يؤدون بشكل أفضل منها بالإضافة إلى الأسوأ. ومن الممكن أن تقارن قدراتها مع الطلاب الذين يعزفون على آلات أخرى أيضاً.

اعتقد ليون فستنجر أننا نخوض عملية المقارنة الاجتماعية كطريقة لتأسيس معيار (نقطة مرجعية) نستطيع من خلالها إجراء تقييمات دقيقة لأنفسنا.

على سبيل المثال، يمكن أن تقارن طالبة الموسيقى نفسها مع الطالبة المميزة في الصف. وإذا وجدت أن قدراتها لا تقاس بقدرات زميلتها، من الممكن أن يدفعها ذلك إلى إنجاز أكبر والسعي لتحسين قدراتها.

آلية عمل المقارنة الاجتماعية

تتضمن عملية المقارنة الاجتماعية إدراك الأشخاص أنفسهم من خلال تقييم مواقفهم الخاصة، قدراتهم وميزاتهم مقارنة بالآخرين. في أغلب الحالات، نحاول مقارنة أنفسنا مع أولئك الموجودين ضمن مجموعة الأقران أو المشابهين لنا.

وفقاً لـ نظرية المقارنة الاجتماعية لـ فستنجر، يعتمد الناس على هذه المقارنات مع الآخرين حتى يقيّموا قدراتهم، ميزاتهم ومواقفهم الخاصة بهم بدقة. في الحالات التي تكون فيها مقارنتك غير فعالة، يمكن أن تجد نفسك في مواقف شاقة ومعقدة بالنسبة لمستوى مهاراتك الحالي.

على سبيل، عندما تقارن نفسك مع أصدقائك، يمكن أن ينتابك شعور بأنك لائق جسدياً. لذا من المحتمل أن تشترك في سباق ماراثون معتقداً أنك تمتلك القدرة على الوصول إلى خط النهاية دون مشاكل تذكر.

عندما يحين يوم السباق، يمكن أن تجد نفسك محاطاً بأشخاص يتمتعون بجسد رياضي أفضل منك وتدرك عندها أن التقييم المبدئي لقدراتك كان مُفائلاً بشكل مبالغ فيه. عندما نستطيع، يمكن أن نختبر هذه المقارنات في بيئات العالم الحقيقي.

للمقارنة الاجتماعية نوعان: المقارنة الاجتماعية التصاعدية والمقارنة الاجتماعية التنازلية.

المقارنة الاجتماعية التصاعدية

وفقاً لـ نظرية المقارنة الاجتماعية تحدث هذه المقارنة عندما نقارن أنفسنا مع أولئك الذي نعتقد أنهم أفضل منا. تركز هذه المقارنات التصاعدية أحياناً على الرغبة في تحسين حالتنا الحالية أو مستوى قدرتنا. من الممكن أن نقارن أنفسنا مع شخص أحسن حالاً ونبحث عن طرق نستطيع تحقيق ذات النتائج من خلالها.

على سبيل المثال، إذا أردت تقييم مهاراتك كلاعب كرة سلة، يمكن في البداية أن تتبارى مع أصدقائك أو تتمرن على تسديد ضربات حرة بنفسك. بمجرد أن تدرك جيداً ما أنت قادر على القيام به، يمكن أن تبدأ بمقارنة أدائك مع أداء الآخرين الذين تعرفهم. ستفكر فوراً بصديق يلعب ضمن فريق المدرسة لكرة السلة؛ هذا مثال على المقارنة التصاعدية.

مقارنة معه، فإن أداءك لا يعد ماهراً. يمكن أن تشعر في البداية بالإحباط نتيجة الفجوة بين مستوى قدراتكما، لكن يمكن أن تدرك أنك تستطيع بلوغ مهارة مشابهة لمهارته في النهاية مع بعض التمرين.

في هذه الحالة، يمكن أن تجعلك المقارنة الاجتماعية التصاعدية أكثر اندفاعاً وتحفيزاً نحو التحسين من قدراتك.

المقارنة الاجتماعية التنازلية

وفقاً لـ نظرية المقارنة الاجتماعية يحدث هذا النوع من المقارنة عندما نقارن أنفسنا مع الأشخاص الأسوأ حالاً منا. تركز المقارنة التنازلية هذه أحياناً على جعلنا نشعر بشعور أفضل حيال قدراتنا و خصالنا. يمكن ألا يكون ما نملكه هائلاً، ولكننا على الأقل أفضل حالاً من شخص آخر.

يقارن الناس أنفسهم بمن هم أفضل منهم عندما يحتاجون إلى ما يلهمهم لتحسين أنفسهم. بينما يقارنون أنفسهم بمن هم أسوأ حالاً عندما يحتاجون إلى الشعور بشكل أفضل حيال ذواتهم.

من الممكن بعد ذلك أن تقارن قدراتك مع قدرات صديق آخر لم يستطع تسجيل هدف أبداً، بالتالي، يبدو أداؤك أفضل بكثير منه. هذا مثال على المقارنة الاجتماعية التنازلية

في هذه الحالة، تجعلك مراقبة مهارات صديقك الضعيفة تشعر بالفعل بشعور أفضل حتى إزاء قدراتك.

يمكن أن تخلق بعض المقارنات شعوراً بعدم الكفاءة أو بأن كفّة بلوغك للهدف أقل رجحاناً، بينما يمنحك الآخرون شعور الثقة ويساعدونك في تعزيز تقديرك لذاتك.

خلاصة

لا تلعب المقارنة الاجتماعية دوراً في إطلاق الأحكام على أنفسنا فحسب، بل في طريقة تصرفنا أيضاً.

وأنت تقارن نفسك مع الآخرين، فكّر في مدى تأثير المقارنة الاجتماعية التصاعدية والتنازلية على إيمانك بنفسك، ثقتك، دوافعك ومواقفك واحذر من المشاعر السلبية المترتبة على عملية المقارنة هذه.

اقرأ أيضاً: نظرية الهوية الاجتماعية وتأثيرها على السلوك

اقـرأ أيضاً: تأثير القرن، تعريفه وعلاقته بالانطباعات الأولية تجاه الأشخاص الجدد

اقرأ أيضاً: كيف تتشكل المواقف والآراء؟ وما هو دور العامل الوراثي فيها؟

المصدر: Social Comparison Theory in Psychology

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: