قلق الانفصال ليس حكراً على الأطفال فقط، إذ قد يصيب البالغين أيضاً. تتعدد أعراض اضطراب قلق الانفصال عند البالغين، إذ يعاني المصابون به من خوف مفرط بأن مكروهاً أو سوءاً سيصيب أشخاصاً مهمين في حياتهم، كأفراد العائلة مثلاً. سنتحدث في هذا المقال عن تشخيص وعلاج اضطراب قلق الانفصال عند البالغين وعوامل الخطر التي قد تفاقم من الأعراض.
لا يعلم الباحثون أسباب هذا الاضطراب، إذ يمكن أن يرافق الحالات النفسية المرتبطة بالقلق أحياناً، مثل اضطراب الهلع، رهاب الأماكن المغلقة أو اضطراب القلق المعمم.
الفرق بين اضطـراب قلـق الانفصال عند البالغين وعند الأطفال
يعد قلق الانفصال جزءاً طبيعياً من نمو الأطفال وتطورهم بين عمر الستة أشهر إلى ثلاث سنوات. عندما تستمر الأعراض بالظهور حتى أواخر مرحلة الطفولة، قد يتم تشخيص الطفل باضطراب قلـق الانفصال ( separation anxiety disorder ).
في حال استمر قلـق الانفصال حتى مرحلة البلوغ، يُشخص الفرد باضطراب قلـق الانفصال عند البالغين. تتشابه أعراض هذا الاضطراب عند الأطفال والبالغين.
بالنسبة للأطفال، يرتبط اضطراب قلـق الانفصال أحياناً مع خوف أو قلـق شديدين من الابتعاد عن الأهل أو مقدمي الرعاية، ما قد يجعل الطفل أقل رغبة في المشاركة بالأحداث أو التجارب الاجتماعية، مثل قضاء الليل في منزل أحد الأصدقاء أو الذهاب في مخيم صيفي.
أما بالنسبة للبالغين، فيكون القلق حول الابتعاد عن أطفالهم أو شركائهم العاطفيين. وبدلاً من المدرسة (عند الأطفال)، يمكن أن يتعطل الأداء في العمل أو غيره من المسؤوليات.
أعراض اضطراب قلق الانفصال عند البالغين
من الطبيعي أن يهتم الفرد بصحة وسلامة أحبائه ويشعر بالقلق عليها، إلا أن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب قلق الانفصال يعانون من مستويات مرتفعة من القلق، وحتى من نوبات هلع في بعض الأوقات عندما يكون أحباؤهم بعيدين عنهم أو غير قادرين على التواصل معهم.
قد ينسحب هؤلاء الأشخاص من المواقف الاجتماعية، يظهرون حزناً شديداً أو صعوبة في التركيز عندما يكونون بعيدين عن أحبائهم. عند الأهل، يمكن أن يؤدي هذا الاضطراب إلى نمط تربية صارم يتسم بالتدخل المفرط في شؤون الأطفال. في العلاقات، يميل الشخص المصاب إلى أن يكون شريكاً متسلطاً.
تشمل بعض الأعراض الأخرى الشائعة ما يلي:
- خوف غير مبرر بأن الأحباء أو الشخص ذاته سيتعرض للخطف أو أية إصابة مميتة.
- الشعور المستمر بالتردد المبالغ به من الابتعاد عن الأحباء أو رفض ذلك.
- صعوبة في النوم بعيداً عن الشخص العزيز خوفاً من أن يصيبه مكروه.
- نوبات الاكتئاب أو القلق المرتبطة بأي مما سبق.
يمكن أن يعاني المصاب أيضاً من أعراض جسدية مرتبطة بنوبات القلق مثل الآلام، الصداع والإسهال.
يجب أن تؤدي الأعراض إلى تعطيل الأداء وتستمر لمدة ستة أشهر على الأقل حتى يتم تشخيص الفرد باضطراب قلـق الانفصال.
عوامل الخطر في اضطراب قلق الانفِصال عند البالغين
يتطور هذا الاضطراب أحياناً بعد فقدان شخص عزيز، أو عقب حدث ما كدخول الجامعة، ويكون الفرد أكثر عرضة لنشوء اضطراب قلق الانفصال لديه إذا ما تم تشخيصه سابقاً باضطراب قلق الانفصال في طفولته، ويحدق خطر الإصابة به بشكل أكبر عند البالغين الذين نشؤوا مع أهل متسلطين.
يتم تشخيص اضطراب قلق الانفصال أحياناً عند الأشخاص الذين تم تشخيصهم بأي من الحالات التالية:
- اضطراب القلق المعمم.
- اضطراب ما بعد الصدمة.
- اضطراب الهلع.
- اضطراب القلق الاجتماعي.
- اضطرابات الشخصية.
تشخيص اضطراب قلق الانفصال
حتى يتم التشخيص بهذا الاضطراب، يجري الطبيب فحصاً شاملاً ويستخدم المعايير المحددة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية – النسخة الخامسة. وفقاً للدليل، فإن إحدى العلامات الأولى لاضطراب قلق الانفصال هي الخوف أو القلق الشديدين من الانفصال عن الناس أو الأشخاص المقربين بالإضافة إلى:
- ظهور الأعراض عند البالغين لمدة ستة أشهر على الأقل.
- تكون الأعراض بالغة الشدة بحيث تؤثر على الأداء والمسؤوليات الاجتماعية.
- لا يمكن لاضطراب آخر تفسير الأعراض بشكل أفضل.
سيسأل مقدم الرعاية المريض أسئلة عدة لتحديد ما إذا كان يستوفي معايير تشخيص اضطراب قلق الانفصال، وقد يحتاج المريض جلسات عدة قبل تلقي التشخيص.
يمكن أن يتحدث مقدم الرعاية الصحية أيضاً إلى أحد أفراد العائلة المقربين لمساعدته على فهم كيف تؤثر الأعراض على حياة المريض اليومية فهماً أفضل بعد موافقته على ذلك.
علاج اضطراب قلق الانفصال عند البالغِين
يشابه علاج هذا الاضطراب عند البالغين علاجه عند الأطفال، إذ قد ينصح الطبيب بمجموعة متنوعة من العلاجات، أو على المريض تجربة علاجات عدة قبل العثور على العلاج المناسب له. تشمل العلاجات المحتملة:
- العلاج المعرفي السلوكي.
- العلاج الجماعي.
- العلاج الأسري.
- العلاج السلوكي الجدلي.
- العلاج الدوائي، مثل مضادات الاكتئاب، بوسبيرون (بوسبار) والبينزوديازيبينات.
خلاصة
يمكن أن يبدأ ظهور اضطراب قلق الانفصال عند البالغين في مرحلة الطفولة أو البلوغ. على غرار اضطرابات القلق الأخرى، قد يؤثر اضطراب قلق الانفصال على جودة الحياة، إلا أن هذه الحالة يمكن السيطرة عليها بالعلاج.
لذا، تحدث إلى أخصائي صحي في حال راودتك شكوك بأنك أو أحد أحبائك يعاني من هذا الاضطراب.
اقرأ أيضاً: اضطراب الشخصية الارتيابية، الأسباب، الأعراض والعلاج
المصدر: What Is Separation Anxiety Disorder in Adults
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم