وفقاً لبحث حديث، قد يساعد العلاج النفسي بمساعدة عقار MDMA وهو اختصار لميثيلين ديوكسي ميثامفيتامين على القضاء على أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) وكذلك الحالة نفسها.
عموماً، يحظى العلاج بمساعدة العقاقير المخدرة باعتراف صريح باعتباره طريقة شفاء محتملة في مجال الصحة النفسية.
ومن بين المواد المخدرة التي تجري دراستها حالياً للاستخدامات العلاجية، يُظهر عقار MDMA والمعروف أيضاً باسم عقار النشوة إكستاسي (Ecstasy) أدلةً قوية لعلاج حالات الصحة النفسية، بما في ذلك اضطـراب مـا بعد الصدمـة.
يقول بايتون نيكفست (Payton Nyquvest)، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة نومينوس Numinus، التي تمكّن الشفاء بواسطة الابتكارات حول العلاجات الآمنة القائمة على المخدر: «نرى على نحو متزايد دلائل سريرية تظهر أن العلاج بمساعدة الإكستاسي فعال».
وتلقى العلاج بمساعدة MDMA الموافقة لحالة “العلاج الاختراقي” من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) في عام 2017. ويوضح نيكفست: “هذا يعني أن البيانات الأولية أظهرت نتائج واعدة تفوق جميع العلاجات الأخرى الموجودة”.
كيف يمكن أن يساعد عقار MDMA على علاج اضطراب ما بعد الصدمة؟
تشير الأبحاث من عام 2018 إلى أن عقار MDMA قد يساعد الدماغ على معالجة الخوف، ما قد يسمح بإعادة صياغة الذكريات المخيفة المرتبطة بالأحداث الصادمة.
وفقاً لنيكفست، فإن إعادة معالجة الصدمة باستخدام العلاج بمساعدة MDMA، من شأنه أن يساعد الفرد على التخلص من المشاعر العالقة الأخرى المرتبطة باضطراب ما بعد الصدمة، مثل الحزن والعار.
ويوضح أكثر: “يعمل عقار MDMA على خلق شعور بالأمان للتواصل مع المعالج، ما يعزز بدوره عملية العلاج للأحداث الصادمة من الماضي”.
ويشير إلى محورية وجود معالج مدرب، ومهارته هي حجر الأساس لنتائج إيجابية.
تخفيف أعراض اضطراب ما بعد الصدمة
بالنسبة إلى بعض الأشخاص، يمكن أن يؤدي اضطراب ما بعد الصدمة إلى اضطراب كبير في الأداء خلال الحياة اليومية، وكذلك العلاقات. وأكثر أعراض اضطراب ما بعد الصدمة شيوعاً ما يلي:
- اليقظة المفرطة.
- ذكريات مزعجة أو ذكريات من الماضي أو الكوابيس.
- قلق.
- نوبات ذعر.
- معارف وعواطف غير منظمة.
- حدة الطباع.
- صعوبة في التركيز.
- اكتئاب.
- الانفصام كأسلوب “مخدر”.
- الانسحاب من الأنشطة.
- صعوبة في العمل خلال الحياة اليومية وضمن العلاقات.
قد يساعد عقار MDMA على تخفيف أعراض اضطراب ما بعد الصدمة بفاعلية. ووجدت دراسة أجريت عام 2021 أن 67% من المشاركين الذين يعانون اضطراب ما بعد الصدمة وتلقوا العلاج بمساعدة الإكستاسي، لم يعودوا يستوفون المعايير التشخيصية لاضطراب ما بعد الصدمة بعد شهرين من العلاج. هذا بالمقارنة مع 33% من الأشخاص الذين خضعوا للعلاج باستخدام الدواء الوهمي.
إضافةً إلى ذلك، شمل المشاركون أشخاصاً يعانون حالات مرتبطة عادةً باضطراب ما بعد الصدمة، مثل:
- الفصام.
- الاكتئاب.
- اضطرابات تعاطي المخدرات (SUD).
- صدمة في مرحلة الطفولة.
كيف يبدو العلاج بمساعدة MDMA؟
يقول نيكفست إن العلاج بمساعدة عقار MDMA هو علاج متعدد التخصصات يشمل كلاً من أطباء الصحة النفسية والطبية.
ويوضح أن علاج MDMA لاضطراب ما بعد الصدمة خاصةً، هو نهج تمكيني يركز على المريض ويتطلّب “تحولاً كبيراً وتغييراً نموذجياً” بعيداً عن المستوى الحالي للرعاية الصحية النفسية.
أهداف علاج MDMA لاضطراب ما بعد الصدمة
يقول نيكفست: «الهدف من هذا النهج هو نقل فهم أساسي مفاده أن كل شخص لديه عملية فطرية توجهه نحو الشفاء، عندما تُتاح الظروف المثلى له».
ويوضح أن تكامل الكثير من العوامل ضروري إذ يقول: “يمكن عد عقار MDMA محفزاً للتغيير، ولكن العلاج والجوانب غير الدوائية الأخرى لعقلية العميل وبيئته هي العوامل التي تدعم التعافي حقاً”.
توقعات علاج MDMA لاضطراب ما بعد الصدمة
يوضّح نيكفست أن فريق “العلاج المشترك”، المكون من معالجين مدربين يتعاونان عادةً خلال جلسات العلاج بمساعدة MDMA لضمان سلامة المريض والمعالجين والعملية العلاجية كاملة.
ويُطلق على نهج العلاج النفسي هنا “العلاج الداخلي الموجه-inner-directed therapy”، إذ يجري تدريب الأخصائيين في الصحة النفسية على نحو خاص لتهيئة بيئة تدعم عملية الشفاء الداخلي للشخص الذي يتلقى علاج MDMA.
عملية العلاج
يبدأ علاج MDMA عادةً بفحص طبي ونفسي للتحقق من السلامة العامة للمريض، ولتقييم مدى مناسبة هذا النوع من العلاج له، ويُتبع بعملية موافقة مدروسة وصارمة من قبل المريض.
وفقاً لنيكفست، غالباً ما توجد حاجة إلى جلستين حتى ثلاث جلسات تحضيرية مدة 90 دقيقة قبل بدء العلاج بمساعدة MDMA. وعادةً ما تجري عملية العلاج بواسطة معالجين على مدى جلستين إلى ثلاث جلسات في بيئة داعمة. وتستغرق كل جلسة 8 ساعات إجمالاً ويجري توزيعها على مدى أسبوعين إلى 4 أسابيع.
الموسيقى غالباً ما تكون جزء من الجلسات، ومكان العلاج غالباً ما يكون به مساحة واسعة تمكّن المريض من التنقل بحرية أو الاستلقاء على الأريكة أو الكرسي.
من المرجح أن يجري المعالج الخاص أيضاً جلسة مكاملة واحدة على الأقل لمدة 90 دقيقة بعد كل جلسة بمساعدة MDMA بغرض تجميع المعلومات. وغالباً ما تكون هناك جلسة متكاملة ختامية بعد جلسة MDMA الأخيرة.
فوائد MDMA لاضطراب ما بعد الصدمة
بينما تساعد الكثير من العلاجات التقليدية على إدارة أعراض الاضطراب، توصّل أحد الأبحاث التي أجريت عام 2021 إلى أن علاج الإكستاسي قد يكون فعالاً في شفاء أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، وكذلك الحالة نفسها.
يقول نيكفست: “العلاج بمساعدة المخدر مكثف، ويهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية للاضطراب، بدلاً من مجرد التحكم في الأعراض. ويمكن أن يساعد هذا النهج الأشخاص على المضي قدماً في حياتهم بعد العلاج، بدلاً من الحاجة إلى دعم طبي أو نفسي دائم”.
بالمقارنة مع الطرق الأكثر شيوعاً، يُعد علاج MDMA علاجاً قصير المدى. وعادةً ما يجري إعطاء المادة مدة تصل إلى ثلاث جلسات فقط. ولكن على الرغم من هذه العملية القصيرة نسبياً، فإن علاج MDMA يقدم فوائد طويلة المدى.
العلاجات التقليدية
يمكن لأدوية اضطراب ما بعد الصدمة أن تخفي الأعراض، لكن بذات الوقت يمكن أن تتسبب في آثار جانبية غير مرغوب فيها وتتطلب جرعة طويلة الأمد. بالمجمل، طرق علاج اضطراب ما بعد الصدمة التقليدية ليست مفيدة دائماً.
وتشمل العلاجات التقليدية لاضطراب ما بعد الصدمة ما يلي:
- الأدوية، بما في ذلك مضادات الاكتئاب والوصفات الطبية المضادة للقلق والمساعدة على النوم.
- العلاج النفسي.
- العلاج بالتعرض المطول (prolonged exposure therapy).
- إزالة حساسية وإعادة المعالجة من خلال حركة العين (EMDR).
- علاج المعالجة المعرفية (CPT).
دائماً ما يكون التفكير في الاحتياطات خطوة أولى ممتازة للبدء قبل تجربة أي طرق علاجية جديدة. والأهم الأخذ بعين الاعتبار أن علاج MDMA ليس خياراً مناسباً للجميع، ومن الجيد استشارة الطبيب أو المعالج مسبقاً للتأكد من أنه خيار آمن لك.
مخاطر علاج اضطراب ما بعد الصدمة باستخدام عقار إكستاسي (MDMA)
ليس من الآمن استخدام عقار MDMA لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة للحامل أو المرضع. ولا يُنصح باستخدامه لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة أيضاً للأشخاص الذين يعانون حالات صحية بدنية معينة، مثل:
- أمراض القلب والأوعية الدموية.
- خطر الجفاف.
- ارتفاع درجة حرارة الجسم.
- النوبات.
ويجب أيضاً على الأشخاص الذين يعانون حالات صحية نفسية معينة تجنبه، بما في ذلك:
- الاضطرابات الذهانية (Psychotic disorders).
- اضطراب ثنائي القطب (Bipolar disorder).
- اضطراب الهوية التفارُّقي (DID).
- اضطرابات الأكل (eating disorders) تليها مرحلة التطهير (purging) ألا وهي الحث على فقدان الوزن (التقيؤ أو تليين البطن بتناول المُسهلات) أو التلاعب بشكل الجسم أو غيرها من الطرائق.
- اضطراب الاكتئاب الكبير (MDD) مع الذهان (psychosis).
- اضطرابات الشخصية (personality disorders).
- اضطرابات تناول الكحول وتعاطي المخدرات (alcohol and substance use disorders).
ويمكن أن يكون استخدامه خطيراً إذا تزامن مع بعض الأدوية، بما في ذلك:
- مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، التي يمكن أن تسبب متلازمة السيروتونين (serotonin syndrome)، وهي حالة قاتلة.
- مثبطات الأوكسيداز أحادي الأمين MAO.
- الأدوية التي يمتصها إنزيم الكبد سيتوكروم 2دي6 (CYP2D6).
- الأدوية التي تثبط إنزيم الكبد CYP2D6، مثل بعض الأدوية المضادة للفيروسات الرجعية.
الآثار الجانبية لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة باستخدام عقار إكستاسي (MDMA)
- انخفاض أو نقص الشهية.
- اضطرابات النوم.
- ارتفاع الحرارة.
- ارتفاع ضغط الدم.
- عدم انتظام ضربات القلب.
- رأرأة (تذبذب العين، عدم وضوح الرؤية).
- توسع حدقة العين.
- نوبات ذعر.
- قلق.
- ارتباك
- غثيان.
- تقيؤ.
- شد عضلي.
- ارتعاش.
- اهتزاز.
- تعرق.
- عدم وضوح الرؤية.
- صرير الأسنان.
- شد الفك وصكه.
- احتمال خفيف للإدمان أو الاستخدام الخاطئ في الحالات غير الطبية.
- دوخة
- جفاف الفم.
- عطش.
- صعوبة في التركيز.
- أرق.
- الشعور بالبرد.
- متلازمة تململ الساق.
الاستخدام القانوني لعقار إكستاسي (MDMA)
العلاج بمساعدة المخدر ليس قانونياً في جميع المناطق في الوقت الحالي، لذا فإن إمكانية الوصول إليه محدودة حالياً. ولكن قد تتمكن من تجربة العلاج النفسي باستخدام MDMA لاضطراب ما بعد الصدمة من خلال:
- الذهاب إلى مراكز علاج الصحة النفسية التي تقدم العلاج بالمخدر.
- الانضمام إلى التجارب السريرية.
- التشاور مع معالج نفسي مدرب على العلاج النفسي بمساعدة مخدر (PAP).
استخدام MDMA الترفيهي ليس قانونياً أيضاً. أما عند استخدامه بغرض العلاج فمن المهم أن يترافق مع إشراف وتوجيه مدرب أخصائي.
يقول نيكفست: «في الولايات المتحدة، نظراً إلى الحالة المتقدمة لبحوث المرحلة الثالثة التي أجرتها الجمعية متعددة التخصصات لدراسات المخدرات (MAPS)، فمن المتوقع أن تعيد إدارة الغذاء والدواء جدولة MDMA بحلول عام 2023 لجعله متاحاً للعلاج. لكن هذا بالطبع لا يعني أن العقار سيكون متاحاً للاستخدام الترفيهي قانونياً».
الخلاصة
تشير الأبحاث الحالية إلى أن علاج MDMA يمكن أن يكون علاجاً فعالاً لاضطراب ما بعد الصدمة.
إذا لم تجد أن طرق العلاج التقليدية ذات نفع، مثل الأدوية أو العلاج النفسي، فضع في اعتبارك العلاج بمساعدة MDMA بصفته بديلاً إن أمكن.
وقبل الشروع في تناول MDMA لاضطراب ما بعد الصدمة، من الجيد التحدث مع طبيب أو أخصائي صحة عقلية مدرب على العلاج النفسي بمساعدة مخدر PAP، لمساعدتك على تحديد مدى مناسبة هذا العلاج لك.
اقـرأ أيضاً: العلم الكامن وراء أعـراض اضطـراب مـا بعـد الصدمـة، كيف تغير الصـدمة الدماغ؟
اقرأ أيضـاً: علاج اضطـراب ما بعـد الصدمـة PTSD، والأدوية المستخدمة لهذا الغرض
اقـرأ أيضاً: عشر طرق تساعد في الشفاء من الصـدمة
المصدر: Experts Suggest MDMA Could Heal PTSD: Here’s How
تدقيق: لبنى حمزة
تحرير: جعفر ملحم