السلوك غير القابل للتكيف، تعريفه، أسبابه وعلاجه

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

السلوكيات غير القابلة للتكيف (Maladaptive Behaviors) هي تلك التي تقف عائقاً أمام تأقلم الفرد مع الظروف الجديدة أو الصعبة، وقد تبدأ بعد تغير كبير في حياته، مرض أو حدث صادم.

يمكن تحديد السلوكيات غير القابلة للتكيف واستبدالها بأخرى أكثر إنتاجية، وإلا فإنها تقود إلى نشوء مشكلات عاطفية، اجتماعية وصحية. إذا كانت الأمور تخرج عن سيطرة الفرد، فهناك علاج لذلك؛ إذ يمكن أن يساعد المعالج النفسي المؤهل في إيجاد طرق أفضل للتعامل مع صعوبات الحياة وتحدياتها.

سيكولوجيا عدم القدرة على التكيف

ربما غيرت طريقك مرة لتجنب شيء ما، ومن المحتمل أنك خرجت من غرفتك غاضباً وصرخت في الخلاء؛ جميعنا فعل ذلك. لكن، إذا كان ذلك هو أسلوبك الوحيد للتعامل مع الضغوطات، فهناك مشكلة.

السلوك القابل للتكيف والسلوك غير القابل للتكيف

قلّما تجري الحياة كما نشتهي ونهوى، وعندما نواجه عقبة ما، إما أن نتكيف أو لا. في نفس اللحظة، لا يكون ذلك خياراً واعياً بالضرورة، إذ قد يكون رد فعل مؤقتاً حتى يتسنى لنا فرصة التفكير به.

السلوك القابل للتكيف (Adaptive Behavior) هو اتخاذ قرار حل المشكلة أو التقليل من تأثير نتيجة غير مرغوبة. قد تقوم بشيء لا ترغب به بالضرورة أو تتحايل عليه؛ أنت بذلك تتكيف مع الظروف.

على سبيل المثال، قد يتكيف قارئ نهم بدأ يفقد بصره من خلال تعلم طريقة برايل أو شراء الكتب الصوتية؛ أي يجد طريقة للاستمرار في التمتع بشغفه في القراءة.

في المقابل، قد يكون السلوك غير القابل للتكيف عدم اعترافه بأنه يفقد بصره أو يحتاج تغييراً ما. يؤدي التفكير بذلك إلى الشعور بفقدان السيطرة أو بالألم، لذا لا يتخذ أي إجراء حياله ويخسر ما يحبه ويستمتع به في نهاية المطاف.

أمثلة على السلوك غير القابل للتكيف

يمكن أن تصبح السلوكيات غير القابلة للتكيف التالية أنماطاً مدمرة للذات.

التجنب (Avoidance)

يمثل تجنب تهديد ما أو الانسحاب مما يثير الاستياء أفضل تصرف أحياناً، خاصة فيما يتعلق بالأشياء المؤقتة التي لا تمتلك سيطرة عليها. لكن، إذا كنت تتجنب بشكل مستمر شيئاً لا يجب تجنبه، فذلك سلوك غير قابل للتكيف (سوء التكيف).

لنفترض أنك تعاني من القلق الاجتماعي، إلا أن عملك يتطلب منك الاختلاط والاندماج مع الآخرين من حين لآخر. إذا كنت قد اعتدت على أن تتمارض أو تنسحب خلسة بعد بضع دقائق، فأنت لا تعالج المشكلة.

السلوك القابل للتكيف في هذه الحالة هو طلب المساعدة لعلاج ما تعانيه، تجربة العلاج بالتعرض أو إيجاد عمل مناسب أكثر لحالتك.

تتضمن سلوكيات التجنب الأخرى كلاً من عدم التواصل البصري خلال المحادثة، التحدث بصوت منخفض جداً أو عدم التحدث على الإطلاق وعدم طرح أسئلة عند الحاجة إلى مزيد من المعلومات.

الانسحاب (Withdrawal)

إذا كنت تفضل البقاء وحيداً على النشاطات الاجتماعية، فلا خطب في ذلك. والخروج من حفلة ما لتجنب مقابلة حبيبك السابق أمر عادي. لكن، إذا كان التجنّب هو استراتيجتك الوحيدة، فستنسحب من التفاعلات الاجتماعية بشكل دائم.

مثلاً، يستخدم طالب جامعي ألعاب الفيديو ليتهرّب من النوادي أو لقاء الناس. هنا، فإن الألعاب هي نوع من الإلهاء ويمنح راحة مؤقتة من القلق.

على المدى الطويل، لا يفيد الانسحاب في تحسين مهارات التأقلم بشيء، إذ تتوقف الدعوات من الآخرين، يتراكم القلق وتكون العزلة هي النتيجة.

العدوانية السلبية (Passive Aggressiveness)

تشير العدوانية السلبية إلى التعبير عن المشاعر السلبية بشكل غير مباشر بدلاً من المواجهة الشخصية؛ أي قول شيء وقصد شيء آخر، وتكون مشاعر الشخص متداخلة مع أفعاله.

على سبيل المثال، يرغب شريكك في البقاء في المنزل وإلغاء موعد العشاء الذي كنت تنتظره وتتوق له، ما يجعلك تشعر بالاستياء. وبدلاً من التعبير عن خيبة أملك، تبتسم وتقول له أن لا بأس في ذلك.

لاحقاً، تبدأ بالتعبير عن شعورك بطرق أخرى كإغلاق الأبواب بقوة أو التذمر من أتفه الأشياء. أنت غاضب ولكنك لا تستطيع إيصال ذلك بالشكل الصحيح.

إيذاء الذات (Self – Harm)

يتعامل بعض الأشخاص مع الأحداث المجهدة من خلال إيذاء أنفسهم، مثل:

  • تجريح، خدش أو حرق الجلد
  • قطف الندوب أو الجروح
  • نتف الشعر، الرموش أو الحاجبين
  • ضرب الذات أو طرق الرأس
  • رفض تناول الأدوية الضرورية

قد يمنح ذلك شعوراً مؤقتاً بالارتياح، لكنه يفاقم المشكلات فقط وقد يؤذي صحة الفرد ويلحق الضرر بها.

الغضب (Anger)

الغضب عاطفة طبيعية، ويكون مفيداً عندما يدفع المرء للقيام بأفعال بناءة، إلا أنه ضار عندما يحدث بشكل دائم له أو تنتابه نوبات غضب أحياناً، إذ يلغي الآخرين ويعرقل القدرة على التواصل الفعال.

قد تندرج نوبات غضب الأطفال (temper tantrum) ضمن هذه الفئة، إذ يراها معظمهم طرقاً أفضل للحصول على ما يريدونه.

تعاطي المواد المخدرة (Substance Use)

يمكن أن يكون تعاطي المخدرات سواء الكحول، الأدوية الموصوفة طبياً أو العقاقير دون وصفة نوعاً من سلوك التجنب، إذ تمثل مشكلة عندما يستعين بها الفرد لتخفيف القلق أو تبديد ما يشعر به.

أيّ هروب من الواقع هو الأفضل مؤقتاً. قد يؤدي هذا السلوك إلى إدمان جسدي وعاطفي ما يخلق مجموعة جديدة كلياً من المشاكل.

أحلام اليقظة غير القابلة للتكيف (Maladaptive Daydreaming)

تعتبر أحلام اليقظة سلوى صحية، إذ تحرر العقل وتساعد الفرد في معالجة المشاكل. 

يقدر أن المئات من أحلام اليقظة تراود الشخص العادي يومياً. لكن تصبح أحلام اليقظة نوعاً من سوء التكيف عندما ينخرط الفرد في خيالات مستفيضة بدلاً من التفاعل مع الآخرين أو الخوض في تفاصيل الحياة الحقيقية. قد تدوم أحلام اليقظة هذه لساعات في بعض الأحيان وتنطوي على حبكات وشخصيات متشابكة تُبقي الفرد في الماضي، ويمكن أن تمنعه من مواجهة الواقع.

السلوك الجنسي غير القابل للتكيف

يشير السلوك الجنسي غير القابل للتكيف أو سوء التكيف الجنسي إلى انخراط الأطفال، البالغين والمراهقين في سلوكيات جنسية لا تلائم عمرهم أو تنطوي على تبعات خطيرة محتملة. مثل:

  • ممارسة الجنس دون وقاية
  • العدوانية الجنسية
  • القيام بأشياء لا يرغبون بها
  • التعرض لمواقف غير آمنة

أسباب السلوك غير القابل للتكيف

هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى أنماط سلوكية غير قابلة للتكيف؛ قد يكون أحدها افتقار الفرد لوجود نماذج سلوكية جيدة على السلوك القابل للتكيف أو أن حياته فوضوية لدرجة منعته من تطوير مهارات التأقلم الصحيحة.

قد يقف مرض مزمن عائقاً أمام القدرة على التكيف الصحيح أو يمكن ألا يكون الفرد قادراً على تحديد السبب.

الصدمة

ربطت الدراسات سوء المعاملة الجنسية في الطفولة بأذية الذات، تعاطي المواد المخدرة والسلوك الجنسي غير الآمن، وقد تنشأ السلوكيات غير القابلة للتكيف من صدمة في مرحلة البلوغ.

الاضطرابات النمائية

وجدت دراسة عن الاضطرابات النمائية نُشرت عام 2010 أن هناك رابط بين اضطرابات النوم وسوء التكيف بين الأشخاص الذين يعانون من تأخير في النمو.

السلوك غير القابل للتكيف والقلق

أشارت الأبحاث إلى أن التجنب هو استجابة سلوكية غير قابلة للتكيف للخوف والقلق. على الرغم من أنه يمنح شعوراً مؤقتاً بالارتياح، فإن نمط التجنب يمكن أن يفاقم القلق.

السلوك غير القابل للتكيف والتوحد

تعد السلوكيات غير القابلة للتكيف بما فيها العدوانية، التمرد ونوبات الغضب شائعة في اضطراب طيف التوحد، إلا أن الأسباب لا تزال غير واضحة.

متى تطلب المساعدة المختصة؟

تشمل العلامات الدالة على وجوب طلب المساعدة ما يلي:

  • إيذاء الذات أو التفكير به
  • تبدو الحياة وكأنها تخرج عن السيطرة
  • التعامل مع تأثيرات ما بعد الصدمة
  • القلق أو التوتر الشديدين
  • وجود علامات على الاكتئاب
  • صعوبات العلاقات

فيما يلي قائمة بالأخصائيين القادرين على معالجة السلوك غير القابل للتكيف:

  • الطبيب النفسي
  • الأخصائي النفسي
  • الأخصائي الاجتماعي
  • المعالج النفسي
  • استشاري الإدمان
  • استشاري الزواج والأسرة

علاج السلوك غير القابل للتكيف

أول خطوة في علاج السلوك غير القابل للتكيف هي إدراك الفرد له؛ إذ يمكنه حينها بذل الجهد لتغيير طريقة تفاعله مع الأشياء.

يمكن التفكير بسلوكيات بديلة ومثمرة مكان تلك غير القابلة للتكيف. قد يحتاج الأمر بعض الممارسة والتدريب، لذا من المهم عدم الانزلاق إلى فخ التجنب.

تحتاج أية حالة، مثل الإدمان أو القلق إلى المعالجة المختصّة والمناسبة. يمكن أن يتضمن العلاج، اعتماداً على ظروفك، ما يلي:

خلاصة

السلوك غير القابل للتكيف هو سلوك يمنع الفرد من إجراء تعديلات وتغييرات تصب في مصلحته. ومن الأمثلة عليه التجنب، الانسحاب والعدوانية السلبية.

بمجرد إدراك هذا السلوك في حياة الفرد، يمكنه العمل باتجاه إيجاد سلوكيات بديلة والبدء بممارستها. هناك أيضاً مجموعة من العلاجات الفعالة التي تستهدف السلوكيات غير القابلة للتكيف وتساعد الفرد في استعادة السيطرة على حياته وتحسين جودتها.

اقرأ أيضاً: السلوك العدواني السلبي، أسبابه، آثاره وكيفية الاستجابة له

اقرأ أيضاً: السلوك الخارجي ذو الطابع العدواني، أسبابه وعلاجه

اقرأ أيضاً:  السلوك الداخلي السلبي عند الأطفال، أمثلة عنه وعوامل الخطر

المصدر: Identifying and Treating Maladaptive Behavior

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: