أصبح استخدام وسائل التواصل الاجتماعي شائعاً بشدة حتى بين المصابين باضطراب القلق الاجتماعي (SAD). السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل الفيسبوك وتويتر والانستغرام وغيرها من المنصات مفيدة لمن يعانون هذا الاضطراب أم لا؟
نظرة شاملة
إنه لسؤالٌ معقد عندما يتعلق الأمر بفوائد وسائل التواصل الاجتماعي للناس المصابين بالقلق الاجتماعي. ويعتمد جواب هذا السؤال على عدة عوامل تتضمن كيفية استخدام قنوات التواصل هذه وما دورها في حياتك ومدى ميلك نحو إدمانها.
إن بعض فوائد وأضرار وسائل التواصل الاجتماعي هي ذاتها بالنسبة للمصابين باضطراب القلق الاجتماعي وغيرهم.
فيما يلي مقارنة سريعة للآلية التي يمكن أن تكون وسائل التواصل من خلالها مساعدة أو مؤذية للمصابين باضطراب القلق الاجتماعي (SAD).
فوائد وسائل التواصل الاجتماعي
إن وسائل التواصل الاجتماعي ليست بهذا السوء؛ إذ أن لديها في الحقيقة فوائد جمّة تتضمن الآتي:
- قد تساعد وسائل التواصل الاجتماعي أولئك المصابين باضطراب القلق الاجتماعي (SAD) أن يبدؤوا ويأسّسوا تواصلاً اجتماعياً بشكل أسهل.
- قد تسهّل هذه المواقع لبعض المصابين باضطراب القلق الاجتماعي الانخراط مع الآخرين في حال كان ركوب وسائل النقل أو العزلة أو الخوف من مغادرة المنزل مشكلة لديهم.
- قد يعاني الأفراد من قلق أقل في حالة التواصل المباشر عبر وسائل الإنترنت مقارنة بالواقع، مما يسمح لهم بالتدرّب على المهارات الاجتماعية في بيئة تبدو أكثر أماناً.
- قد توفر بعض مواقع التواصل الاجتماعي منافذ لأولئك الذين يعانون اضطراب القلق الاجتماعي حتى يشاركوا ما يشعرون به (مثل موقع Tumbler).
- تمنح المنصات التي تسمح بتدوين مجهولٍ للمصابين باضطراب القلق الاجتماعي شعوراً بانخراط أكثر وعزلة أقل وتساعدهم في رؤية الجانب المشرق لوضعهم. (مثل رؤية ميمز سخيفة ومضحكة مثل “سلسلة البطاريق الاجتماعية المضحكة (Socially Awkward Penguin)”.
أضرار وسائل التواصل الاجتماعي
هناك بعض الأضرار لوسائل التواصل يجب معرفتها وهي:
- من المتوقع غالباً، ضمن مواقع مثل الفيسبوك، أن يصبح مستخدموها أصدقاء مع الناس الذين يعرفونهم في الحياة العادية. لذلك، فقد يعاني الأشخاص المصابين باضطراب القلق الاجتماعي من تواصل أقل أو مشاكل في مقابلة الناس الجدد.
- قد يعبّر الأفراد المصابين باضطراب القلق الاجتماعي ممن لديهم انخفاض في تقدير الذات عن أنفسهم بطرق لا تروق الآخرين. مما يجعلهم أقل انجذاباً للتواصل معهم.
- قد تكون الصداقات التي بنيت على الأغلب ضمن منصات التواصل الاجتماعي أضعف من تلك العلاقات التي حصلت على فرصة لتنميتها في الحياة الحقيقية وتؤدي إلى ترابط فعلي أقل.
- إن مشاهدة كل ما ينشره أصدقاؤك على مواقع التواصل مثل فيسبوك وتويتر من أمور جميلة، يجعلك تشعر بأنك شخص منبوذ أو غير ملائم. ينطبق نفس الشيء عند معرفة عدد الإعجابات أو التعليقات التي يحصدها الآخرون من منشوراتهم مقارنة بما تنشره.
- قد يكون لدى أولئك المصابين بالقلق الاجتماعي ممن يشعرون براحة أكثر عند اختبائهم وراء شاشة الحاسوب ميول للاعتماد كثيراً على مواقع التواصل عبر الإنترنت في محاولة منهم الانعزال عن عالم حقيقي من التواصل.
- قد تجعلك مواقع التواصل الاجتماعي تفكر في كل ما لا يتوفر لديك في حياتك الحقيقية مثل الشريك والأطفال والعمل.
- قد يزيد الاستخدام المتزايد لمواقع التواصل الاجتماعي من التوتر خصوصاً إذا كنت تشعر بالحاجة المستمرة للاتصال مع عالم الإنترنت.
- من المحتمل أن يزيد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي مشاكل الصحة النفسية سوءاً. فإذا كنت معرضاً لخطر الإصابة بمشاكل أخرى مثل الاكتئاب والإدمان، قد يكون هذا مشكلة بحد ذاتها.
المصابون باضطراب القلق الاجتماعي أكثر عرضة للإصابة باضطراب إدمان الإنترنت
قد يؤدي السهر حتى وقت متأخر بسبب مواقع التواصل الاجتماعي إلى مشاكل في النوم. والتي تزيد مشاعر القلق والمشاكل الصحية النفسية.
أيضاً قد يؤدي اكتشاف الكثير من المعلومات عن شخص ما عن طريق “تعقب” حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي في الواقع إلى زيادة القلق الاجتماعي عند التقائك به في الحياة الواقعية.
قد يكون المصابون باضطراب القلق الاجتماعي أكثر عرضة للإصابة باضطراب إدمان الإنترنت (IA). عموماً، وُجدت ارتباطات إيجابية وسلبية بين استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والصحة النفسية.
ارتبطت التفاعلات السلبية والمقارنات الاجتماعية على مواقع التواصل الاجتماعي مع مستويات عالية من القلق. ومع ذلك، ارتبطت عروض الدعم والترابط الاجتماعي على مواقع الشبكات الاجتماعية بمستويات أقل من القلق. بالإضافة إلى ذلك، ارتبط استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بانخفاض مستويات الشعور بالوحدة وبارتفاع درجة تقدير الذات والرضا عن الحياة.
نتائج الأبحاث
بشكل عام، تشير نتائج التحليل التلوي إلى أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي قد يكون له فوائد ومضار على حد سواء لأولئك الذين يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي. ولكن قد يعتمد كثيراً على طبيعة الأفراد وكيفية استخدام هذه المواقع.
ومع ذلك وجدت دراسة مراجعة أن معظم الأبحاث السابقة استندت إلى إفادات ذاتية ومقطعية (في وقت ما). اقترحت الدراسات على وجه الخصوص ما يلي:
- كان الأشخاص الذين يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي أكثر عرضة للانخراط في الاستخدام السلبي للفيسبوك (النظر في الملفات الشخصية للآخرين.) وأقل احتمالاً للمشاركة في إنتاج المحتوى (النشر والتعليق وما إلى ذلك).
- قد يكون الأشخاص الذين يفكرون أو ينخرطون في اجترار الأفكار القلِق أكثر عرضة لخطر تفاقم القلق الاجتماعي لديهم عندما يستخدمون Facebook بشكل سلبي. مثلاً: إذا كنت تجلس في المنزل طوال اليوم تقرأ منشورات الآخرين على فيسبوك ولا تنشر أي شيء خاص بك ولا تعلق على حالة أي شخص آخر، فقد يتفاقم لديك القلق الاجتماعي.
- قد يمكن للأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي معرفة أنك تعاني من قلق اجتماعي بسبب طريقة تفاعلك. تشمل الأمثلة عدم النشاط نسبياً أو الانسحاب في تفاعلاتك.
- بشكل عام، من غير المرجح أن يكون الأشخاص الذين يعانون من القلق الاجتماعي من مستخدمي فيسبوك ولكن من المرجح أن يكونوا مستخدمين لمواقع “التدوين المصغر” مثل Tumblr أو Myspace. قد يكون السبب في ذلك هو توفر منافذ لمشاركة المشاعر في أجواء مريحة وغير مهددة.
التوسع في الأبحاث
- لا يبدو أن الأشخاص الذين يعانون من القلق الاجتماعي ينشرون محتوى سلبي على مواقع التواصل الاجتماعي. ومع ذلك سواء كنت تنشر مواضيع إيجابية أو سلبية، يتعلق بكيفية استجابة الآخرين لك. ترتبط التحديثات الإيجابية بزيادة “الإعجابات” بينما تؤدي المواضيع السلبية إلى ردود فعل إيجابية أقل.
- قد يتلقى الأشخاص الذين يعانون من القلق الاجتماعي تعليقات داعمة أكثر إيجابية من أصدقاء الشبكات الاجتماعية وتفاعلات سلبية أقل. يمكن أن يلعب هذا الدعم الاجتماعي دوراً وقائياً إذا كانت لديك مستويات عالية من القلق الاجتماعي، مما يؤدي إلى زيادة الشعور بالسعادة.
أجري تحليل تلوي أوسع للدراسات حول مواقع التواصل الاجتماعي والأمراض النفسية بين عامي 2005 و 2016. واستنتج الباحثون إلى أن تأثير استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بالنسبة للأشخاص المصابين بأمراض نفسية كان مختلطاً. وأن نوعية تفاعلات وسائل التواصل الاجتماعي كانت عاملاً رئيسياً.
يجب إجراء المزيد من الأبحاث باستخدام بيانات الوقت الفعلي (أي الأشخاص الذين يبلغون عن سلوكهم الفعلي على الشبكات الاجتماعية خلال فترة زمنية محددة).
حتى ذلك الحين، هناك مجموعة متنوعة من الطرق التي يمكنك من خلالها التأكد من أن استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي له تأثير إيجابي أكثر على حياتك.
نصائح لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي
انتبه إلى أسلوبك فيما تشاركه أو تعلق عليه، من المرجح أن يشجع أن تبقى إيجابياً ومنفتحاً تجاه الآخرين على التفاعل معك أكثر من السلبية أو الشكايات.
وازن الوقت الذي تقضيه على الإنترنت مع الوقت الذي تقضيه في التواصل في العالم الحقيقي، أو استخدم الوقت الذي تقضيه على الإنترنت في التخطيط للقيام بنشاطات في العالم الحقيقي.
مارس اليقظة الذهنية لتدرك ما يحيط بك مانعاً بذلك مواقع التواصل الاجتماعية من استهلاك كامل يومك.
اشترك في مجموعات اللقاءات أو انضم إلى مجموعات تضم أشخاصاً لديهم اهتمامات أو هوايات مماثلة لما لديك. يمكن أن يكون هذا مفيداً بشكل خاص إذا كانت لديك دائرة اجتماعية محدودة للغاية في الحياة الواقعية وترغب في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي لزيادة تواصلك مع الآخرين.
تذكر أنّ ليس كل شيء على الإنترنت دقيق تماماً، فإن ما تراه على مواقع التواصل الاجتماعي ليس بالضرورة تجسيداً حقيقياً لحياة الأشخاص الذين تعرفهم. بعض الناس يشاركون الإيجابيات فقط وآخرون قد يشاركون السلبية فقط. حاول ألا تقارن أو تفكر فيما يملكه الآخرون بينما لا تملكه أنت.
استخدم الملفات الشخصية في وسائل التواصل الاجتماعي للتعرف على الأشخاص قبل مقابلتهم، إذا كنت ترغب في صداقتهم. في الوقت نفسه، لا تحوّل هذا الأمر إلى هوس أو تقضي كثيراً من الوقت في القيام بذلك وإلا فقد يأتي بنتائج عكسية.
تجنب أن تكون مستخدماً سلبياً لمواقع التواصل الاجتماعي، ولا تقضي ساعات في البحث في منشورات الآخرين دون مشاركة أي شيء عنك.
استفد من الدعم الاجتماعي الإضافي الذي قد تتلقاه من أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي. خاصة إذا كانت لديك مستويات عالية من القلق الاجتماعي، فقد يساعد هذا الدعم في تحسين مشاعرك بالسعادة والهناء.
استخدم المواقع باعتدال، أي استخدام شبكات التواصل الاجتماعي كمكافأة لإنجاز أشياء أخرى في العالم الحقيقي لمنع نفسك من الوقوع في نمط إدماني.
تمتع بعلاقة منفصلة مع الشبكات الاجتماعية، تعرف على نقاط قوتها وضعفها ولا تعتمد عليها أبداً كوسيلة اتصالك الوحيدة.
خلاصة
فكر في الطريقة التي خدمتك بها وسائل التواصل الاجتماعي حتى الآن. هل تشعر بأنك أكثر تعلقاً نتيجة الوقت الذي تقضيه على الإنترنت أو أقل؟ ضع قائمة من ثلاث خطوات يمكنك القيام بها نحو التغيير الإيجابي.
ستكون قائمتك فريدة بالنسبة لك، ولكن على سبيل المثال قد تتضمن متابعة مواقع الشبكات الاجتماعية مرتين فقط في اليوم، مشاركة شيء إيجابي أسبوعياً وترك تعليق إيجابي كل يوم. وقد يفيد الانضمام إلى مجموعة لها اهتمامات متشابهة ولقاءات منتظمة في العالم الحقيقي.
اقرأ أيضاً: علاج اضطراب القلق الاجتماعي
المصدر: Social Media and Social Anxiety Disorder
تدقيق: هبة مسعود
تحرير: جعفر ملحم