You do not have permission to view this result. نظرية التعلم الاجتماعي، وهل يمكن أن تفسر بعض الأمراض النفسية؟ | Obstan - أوبستان

نظرية التعلم الاجتماعي، وهل يمكن أن تفسر بعض الأمراض النفسية؟

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

منذ لحظة الولادة، تبدأ بمراقبة الآخرين والتعلم مما تراه حولك، وقد يفسر ذلك بعض سلوكياتك الحالية. لكن ما علاقة نظرية التعلم الاجتماعي بما سبق؟ وهل سمعت مسبقاً عن التعزيز الإيجابي والتعزيز السلبي؟ وما المقصود بـ نمذجة السلوك؟

تخيل أنّك دخلت المطبخ اليوم وطلب منك أن تحضر طبقاً من البيض المخفوق للمرة الأولى في حياتك. هنا، حتى لو كانت هذه أول مرة تعد فيها ذلك الطبق، فمن المحتمل أنك قد شاهدت أحداً ما يعده، وقد تكون قد تناولته من قبل وتعرف مذاقه وشكله.

لذلك، من المرجح أن تكون قادراً على كسر البيض وتحضير الطبق المطلوب حتى دون أي خبرة سابقة في تحضيره. 

إعدادك الطبق في هذه الظروف يُسمى بــ التعلم بالملاحظة (observational learning) أي التعلم عبر مشاهدة الآخرين، وهذا هو الجوهر الذي تقوم عليه نظرية التعلم الاجتماعي. 

ما هي نظرية التعلم الاجتماعي؟

هناك مقولة باللغة الإنجليزية تقول” القرد يرى، القرد يفعل” أي يرى أولاً ومن ثم يقلد ما يراه. يمكن أن نقول أنّ هذا هو بالتحديد جوهر نظرية التعلم الاجتماعي، ولكنها أكثر تعقيداً بعض الشيء نظراً لأننا نتحدث عن سلوك بشري. 

تنص نظرية التعلم الاجتماعي (Social learning theory) على أنّ أنماط السلوك تأتي من مراقبة الآخرين وتقليد ما يقومون به. تقوم على ثلاثة مبادئ أساسية هي:

  1. يمكن أن تتعلم السلوك من خلال المراقبة.
  2. تؤثر الحالة النفسية على عملية التعلم وخاصة فيما يتعلق بكونك متحمساً للانخراط بهذه السلوكيات أم لا. 
  3. قد لا تؤدي ملاحظة الآخرين إلى تغيير السلوك إلا إذا كان هناك نوع من التحفيز الإيجابي أو جائزة ما.

طرح فكرة التعلم الاجتماعي للمرة الأولى عالم النفس ألبرت باندورا (Albert Bandura) في جامعة ستانفورد خلال الستينيات. وقام بذلك من خلال تجربة “دمية بوبو” والتي كانت واحدةً من أشهر سلاسل التجارب في علم النفس. 

عام 1961، أخذ باندورا مجموعة دمى بوبو (دمية مهرج قابلة للنفخ بحجم الإنسان) وأمر البالغين بمعاملة الدمى بقسوة أمام أطفال في مرحلة ما قبل المدرسة. كان الهدف من ذلك هو معرفة تأثير هذه التصرفات على سلوك الأطفال. 

قام البالغون بضرب الدمى بالمطرقة ورميها في الهواء وركلها وإسقاطها على الأرض. بعد ذلك، ترك الباحثون أولئك الأطفال لوحدهم مع الدمى. وما حصل أنّ الأطفال وخاصة الفتيان الصغار قاموا بتقليد سلوك البالغين دون أي محرض أو دافع على فعل ذلك. 

في عام 1965، أجريت دراسة مكملة للدراسة السابقة تناولت تأثير العواقب مقابل المكافأة على السلوك. إذ وجد فيها باندورا أنّ ميل الأطفال لتقليد البالغين ينخفض إذا لاحظوا أنّ البالغ تعرض للعقاب على سلوكه. في حين أنّ مشاهدته ينال مكافأة على السلوك يزيد من احتمالية تقليدهم له. 

نمذجة السلوك

نمذجة السلوك (modeling behavior) هي إعادة إنتاج سلوك سبق أن رأيته من قبل، وهو ما يحدث في تجربة الدمى التي قام بها باندورا. تقول نظرية التعلم الاجتماعي أنّ هناك أربعة مكونات رئيسية لنمذجة السلوك وهي:

  1. الانتباه (Attention): التركيز بشكل كامل على السلوك.
  2. الاحتفاظ (Retention): حفظ السلوك في الذاكرة.
  3. الاستنساخ / إعادة الإنتاج (Reproduction): إعادة خلق السلوك.
  4. التعزيز (Reinforcement): تلقي مكافأة بشكل ما على السلوك.

تبدأ نمذجة السلوك في مراحل مبكرة من العمر، إذ يراقب معظم الأطفال ذويهم ويحاولون تقليد بعض سلوكياتهم، كما تستمر هذه العملية طوال الحياة في سيناريوهات مختلفة. 

كيف تحدث النمذجة؟ وفقاً لنظرية التعلم الاجتماعي هنالك ثلاث طرق لذلك: 

  1. النموذج الحي (Live model): مشاهدة شخص يقوم بالسلوك أمامك.
  2. النموذج الرمزي (Symbolic model) : مشاهدة شخصية في مسلسل أو فيلم تقوم بسلوك ما.
  3. النموذج التعليمي اللفظي (Verbal instructional model): السماع عن السلوك من خلال مدرس أو صديق، الاستماع إلى مدونة صوتية، القراءة عنه في كتاب أو مشاهدة أحد المؤثرين يتحدث عنه عبر منصات التواصل الاجتماعي.

بينت دراسة عام 2019 أنّ انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والنماذج “المؤثرة” أضاف بعداً جديداً على التعلم الاجتماعي ونمذجة السلوكيات. 

التعزيز الإيجابي مقابل التعزيز السلبي 

التعزيز الإيجابي هو عاقبة سارة للسلوك الذي تقوم به، والتي تقوي الرغبة في تكراره من جديد. على سبيل المثال، عندما تشعر بتحسن في المزاج بعد المشي، فقد تزداد الرغبة في ممارسة الرياضة من جديد. 

التعزيز السلبي هو عكس ذلك، عاقبة سلبية تنتج عن الانخراط في سلوك معين. على سبيل المثال، الشعور بالإنهاك والاستنزاف في كل مرة تخرج فيها مع شخص ما وبذلك تفقد الرغبة في قضاء الوقت معه من جديد. 

الفرق بين نظرية التعلم الاجتماعي والنظرية السلوكية

قبل أن يطرح باندورا نظريته، كان علماء النفس في الغالب يستخدمون مفهوماً يُسمى السلوكية لشرح كيفية اكتساب الناس لمعلومات جديدة والانخراط في سلوكيات جديدة. 

وفقاً لبحث عام 2018، تنص النظرية السلوكية على أنّ التعلم ينتج عن التفاعل مع البيئة والإشراط من خلال التعزيز الإيجابي أو السلبي، وهي عملية مستمرة تشكل وتقولب نظرتك للعالم بشكل نشط. 

على سبيل المثال، قد يعلمك حادث سيارة بسيط عند القيادة وأنت ثمل أنّ الشرب تحت تأثير الكحول ليس بفكرة جيدة؛ هذا سلوك تعلمته من خلال التعزيز السلبي لتجربتك. 

في المقابل، ينطوي التعلم الاجتماعي على فكرة أنّك لست بحاجة لأن تكون الشخص الذي يتعرض للحادث، على سبيل المثال، كي تعلم أنّ القيادة بعد شرب الكحول ليست فكرة جيدة، يكفي أن تسمع بعواقب هذا الأمر من الآخرين.

هل يمكن للتعلم الاجتماعي أن يفسر بعض الأمراض الصحية النفسية؟

هناك العديد من العوامل التي تلعب دوراً في تطور أعراض الأمراض النفسية، وما يزال الباحثون في علم النفس يبحثون عن السبب الجذري لها جميعاً. 

لكن في المجمل، يمكن أن نقول أنّ الأمراض النفسية ترتبط بعدة عوامل بما في ذلك:

  1. كيمياء الدماغ.
  2. الاستعداد البيولوجي للمرض.
  3. الروابط الجينية.
  4. سمات الشخصية. 
  5. الحالات النفسية الكامنة.
  6. العوامل البيئية. 

تهتم نظرية التعلم الاجتماعي بالعوامل البيئية؛ وفي الواقع، تشير الأبحاث إلى أنّ بعض الحالات النفسية التالية ترتبط بشكل قوي بعناصر تعليمية اجتماعية.

القلق 

من منظور تطوري، لديك أفضلية على غيرك إن كنت قادراً على التقاط مشاعر الخوف التي يشعر بها من حولك لأنّ هذا يمنحك متسعاً من الوقت للاستجابة للخطر. 

إن شاهدت أشخاصاً يتوقعون الخطر القادم، فقد تتعلم القيام بذلك أيضاً، ومع ذلك، إن لم يكن التهديد واضحاً فقد تتعلم أنّ حالة اليقظة والتنبّه الدائمة هي طريقة فعالة لمواجهة الخطر. 

تشير دراسة عام 2019 أنّ هذا هو الحال، بالطبع مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ هناك متغيرات أخرى تؤثر في ذلك.

اضطراب السلوك

تشتهر نظرية التعلم الاجتماعي بشرح كيف يمكن للأطفال الذين يشهدون العنف أن يصبحوا عنيفين فيما بعد، وهذه سمة أساسية لاضطرابات السلوك.

أظهرت دراسة تشيلية عام 2016 أنّ الأطفال المعرضين لسلوكيات عنيفة في مدارسهم أو مجتمعاتهم هم الأكثر عرضة لتكرارها، وأنّ بعض المضاعفات السلوكية والعاطفية الأخرى تظهر لديهم في المستقبل وخاصة إن لم يظهر الوالدان دفئاً عاطفياً اتجاههم. 

أظهرت الدراسة أيضاً أنّ أولئك الأطفال كانوا أكثر عرضة لظهور أعراض ما يلي:

  1. القلق.
  2. الاكتئاب.
  3. الانسحاب الاجتماعي. 
  4. الشكايات الجسدية.

الاكتئاب

وجد بحث عام 2016 أنّ الأطفال الذين يتعرضون لسوء المعاملة أو الإهمال قد يصابون بالعجز المكتسب أو المتعلَّم (learned helplessness) وهي سمة مميزة للاكتئاب. 

قد تفسر نظرية التعلم الاجتماعي العجز كآلية للتأقلم، وهذا يعني أنّك رأيت خلال الظروف القاسية أنّه وأياً كان ما تقوم به فلن يكون ذا فائدة ولن يُساهم بإخراجك من حالتك. حتى لو تغيرت الظروف في وقت لاحق، فقد يكون من الصعب أن تتغير هذه المشاعر. 

وصمة العار الداخلية 

بينت دراسة عام 2021 أنّ نظرية التعلم الاجتماعي قد تفسر سبب معاناة بعض الأشخاص من الشعور بوصمة عار داخلية مرتبطة بحالة صحية نفسية والتي يمكن أن تزيد من سوء الأعراض. 

في البداية، سوف تلاحظ الأحكام المسبقة، التحيز أو التمييز لدى العامة، ثم تتشرب هذه الأفكار السلبية بنفسك. نتيجة ذلك، تعاني من انخفاض تقدير الذات وتصبح أقل تفاؤلاً حيال قدرتك على إدارة حالتك. 

اضطراب تعاطي المواد المخدرة

أشارت دراسة عام 2021 أنّ مجموعة من العوامل الداخلية مثل الجينات والعوامل البيئية مثل ضغط الأقران والنمذجة يمكن أن تؤثر على احتمال تعاطي شخص ما للمخدرات. 

وفي أحد الدراسات التي نشرت عام 2020، كان الطلاب في تركيا والذين شاهدوا ذويهم يدخنون السجائر أكثر عرضة لتدخين تلك السجائر. في دراسة أخرى عام 2018، ظهر أنّ من قللوا من شرب الكحول تعرضوا للوصم، النبذ وضغط الأقران نتيجة شرب المزيد منه. 

خلاصة

تدور نظرية التعلم الاجتماعي حول شرح السلوك البشري بكونه نتيجة لمراقبة وملاحظة السلوك الخارجي ونسخ تصرفات الآخرين وردود أفعالهم. تهدف النظرية إلى شرح أن معظم سلوكياتنا وبعض الحالات النفسية مرتبطة بعنصر تعليمي اجتماعي قوي؛ بمعنى آخر، تنتج عن مشاهدة شخص ما يفعل ذات الأشياء. 

وجود مكافآت أو تعزيز إيجابي للانخراط في سلوكيات معينة يزيد من فرص تكرارها. في حين أنّ العديد من الحالات الصحية النفسية يمكن أن يفسرها علم الأحياء وعلم الوراثة، ترتبط العديد من الأعراض بما يمكن تعلمه من البيئة. وفي هذا السياق، يمكن لنظرية التعلم الاجتماعي تفسير الإصابة بالرهاب أو اضطراب تعاطي المخدرات. 

بذات المبدأ، قد تزداد فرص العلاج والتحسن من حالة نفسية معينة إن تعلم الفرد من بيئته أنّ لهذا السلوك مكافآته. 

باختصار، نظرية التعلم الاجتماعي هي واحدة من نظريات نفسية عدة تحاول شرح السلوك البشري وتفسيره.

اقرأ أيضاً: نظرية المقارنة الاجتماعية، كيف تؤثر المقارنات على نظرتنا لأنفسنا؟

اقرأ أيضاً: نظرية الهوية الاجتماعية وتأثيرها على السلوك

اقرأ أيضاً: نظرية التوسع والبناء، المشاعر الإيجابية والقدرة على التحمل والصمود

المصدر: ?What Is Social Learning Theory About

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: