التفكير الانتحاري هو أفكار ومشاعر حول الانتحار أو إيذاء النفس، ويمكن أن يتراوح من مجرد التفكير في الانتحار إلى وضع خطة لذلك. وله نوعان: التفكير الانتحاري السلبي والتفكير الانتحاري النشط.
قد يشعر بعض الأشخاص الذين يعانون الإجهاد أو الذين يواجهون بعض المشكلات الصحية النفسية أن هناك طريقة واحدة فقط للحصول على الراحة؛ وهي إيذاء النفس أو الانتحار.
قد تفكر بانتظام في الانتحار، أو قد تتخيل كيف ستكون الحياة دون وجودك، ومن الممكن أن تكون قد وصلت إلى المرحلة التي تضع فيها خطة في ذهنك لإنهاء كل شيء وكيفية تنفيذك لذلك.
إذا كنت أنت أو أي شخص تعرفه يعاني من الأفكار الانتحارية، يمكن أن يساعدك فهم هذه المشاعر والأفكار في تخفيفها.
ما هو التفكير الانتحاري؟
التفكير الانتحاري (Suicidal Ideation) هو مصطلح فضفاض وواسع يصف انشغال المرء بالتفكير بالموت أو الانتحار أو إيذاء النفس.
هناك نوعان من التفكير الانتحاري:
- التفكير الانتحاري السلبي: إذ يكون لدى الشخص أفكار محددة عن الانتحار، أي لا يشعر بالرغبة في أن يكون على قيد الحياة أو ليس لديه الرغبة في الاستيقاظ في الصباح، ولكنّه لا ينوي أو يخطط للقيام بفعل الانتحار.
- التفكير الانتحاري النشط: وهنا لا يفكر الشخص في الانتحار وحسب، بل لديه النية لارتكاب الفعل ويخطط لكيفية القيام بذلك.
لا يقوم جميع من يمتلك أفكاراً انتحارية بتنفيذها، مما يجعل من المستحيل التنبؤ بمن سَيُقدِم على الانتحار أو لا وفقاً لهذه الأفكار.
تذكر أن المساعدة متاحة دائماً؛ سواء كنت تفكر بهذا الأمر بشكل منتظم أو قد اتخذت خطوات وقمت بوضع خطة لتنفيذ هذا الفعل.
انتشار التفكير الانتحاري السلبي والنشط
يعتبر الانتحار أحد الأسباب الرئيسية للوفاة، إذ أفاد استطلاع متعدد الجنسيات لأكثر من 84000 شخص بالغ حول 17 دولة، أن حوالي 9% من الأشخاص قد راودتهم أفكار انتحارية في مرحلة ما من حياتهم، وأن 3% قد وضعوا خطة بالفعل، و 3% قد كانت لديهم محاولات انتـحار.
يتزايد الانتـحار في بعض الولايات في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد زادت معدلات الانتـحار بأكثر من 30% في نصف عدد الولايات منذ 1999.
اعتُبر الانتـحار في المرتبة العاشرة من حيث أسباب الوفاة في الولايات المتحدة في عام 2019 ويعتبر ثاني سبب رئيسي للوفاة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم من 10 إلى 34 عاماً، ورابع سبب للوفاة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم من 35 إلى 44 عاماً.
فيما كانت معدلات الانتـحار في عام 2019 أعلى بنسبة 3.7 مرات عند الذكور بمثيلاتها عند الإناث.
كانت الأسلحة النارية هي الوسيلة الأكثر شيوعاً المستخدمة في حالات الانتـحار في عام 2019.
أفاد 4.8% من البالغين الذين تبلغ أعمارهم 18 عاماً وما فوق بوجود أفكار جادة تتعلق بالانتـحار، مع ظهور أعلى معدلات للتفكير الانتحاري بين البالغين الذين تتراوح أعمارهم من 18 إلى 25 عاماً إذ بلغت 11.8% في عام 2019.
في عام 2019، كانت نسبة البالغين من سن 18 وما فوق الذين أبلغوا عن حالات انتحار على مدى العام ما يقارب 0.6%. وضمن هذا العدد كانت أعلى نسبة والتي تبلغ 1.5% تعود للأفراد الذين ينتمون لأعراق متعددة (عرقين أو أكثر).
زادت معدلات التفكير في الانتحار في بداية عام 2020 خلال جائحة كوفيد-19 مقارنة بعام 2018 التي بلغت فيها نسبة التفكير الانتحاري 4.3%، إذ أفاد ضعفا عدد البالغين في الولايات المتحدة؛ أي بنسبة 10.7%، بأنهم فكروا بشكل جاد بالانتحار في الثلاثين يوم السابقة.
أعراض التفكير الانتحاري السلبي والنشط
قد تختلف أعراض التفكير الانتحاري من شخص لآخر، ولكن هناك بعض الأمور الشائعة التي من المفيد الانتباه لها أو البحث عنها:
- كثرة أحاديث الشخص عن الشعور باليأس أو عدم امتلاكه سبباً للعيش، بما في ذلك إخبار الأصدقاء أو العائلة بأنه سيكون أفضل حالاً بدونه.
- تخلي الشخص عن ممتلكاته الشخصية.
- إظهاره سلوكيات متهورة مثل تعاطي المخدرات أو الكحول بشكل متكرر.
- تجنّبه التفاعل الاجتماعي.
- تزايد ثورانه أو غضبه.
- يبدو عليه القلق أو التوتر الزائد.
- يشعر بأنه محاصر.
- تنتابه تقلبات مزاجية حادّة.
- تحدّثه أو نشره على وسائل التواصل الاجتماعي حول رغبته بالموت.
- التخطيط للانتحار كشراء سلاح أو البحث عن وسائل أو طرق للانتحار.
بالطبع لن تظهر هذه الأعراض بشكل متشابه على الجميع، إذ أن بعض الأشخاص لن تبدو عليهم أي أعراض، وقد يخفون طبيعة أفكارهم ومشاعرهم حول الانتحار عن أصدقائهم وعائلاتهم.
أسباب التفكير الانتحاري
لا يوجد سبب محدد أو معروف للتفكير الانتحاري السلبي أو النشط. هناك الكثير من العوامل التي تساهم في هذا الموضوع:
- وجود تاريخ عائلي يتضمن العنف أو الانتحار.
- وجود تاريخ من المشاكل الصحية النفسية.
- ازدياد مشاعر اليأس.
- أن يكون الفرد مِثلياً دون وجود دعم عائلي أو مجتمعي.
- خسارة مفاجئة للعمل أو الأصدقاء أو الأموال أو الأحباب.
- وجود مشاكل مالية أو قانونية.
- المعاناة من مرض جسدي أو حالة صحية خاصة.
- وجود تاريخ من المحاولات الانتحارية.
- التعرض للتنمر.
- مشاهدة سلوكيات انتحارية عند الآخرين.
- مشاكل في العلاقات العاطفية مثل العنف أو الانفصال.
- وجود تاريخ من سوء المعاملة أو الإهمال.
- اختبار عنف جنسي أو صدمات.
- التوتر الناجم عن العنصرية أو التمييز.
- الافتقار لوجود رعاية صحية نفسية جيدة.
على الرغم من الاعتقاد السائد بأن الصحة النفسية هي السبب الرئيسي للانتحار، فإن أكثر من نصف حالات الوفيات الناجمة عن الانتحار في الولايات المتحدة (54%) لم تكن من قبل أشخاص قد تم تشخيصهم بأمراض نفسية.
ومع ذلك، فقد تم ربط بعض الحالات الشائعة من مشاكل الصحة النفسية بزيادة فرص التفكير في الانتحار:
- الاكتئاب الشديد.
- الفصام.
- اضطراب ثنائي القطب.
- اضطراب تعاطي المخدرات.
- اضطراب الشخصية الحدية.
- اضطراب ما بعد الصدمة.
- حالات طبية خطيرة مصحوبة بألم.
- إصابات دماغية خطيرة.
تشخيص التفكير الانتحاري
إذا واجهت أنت أو أي شخص تعرفه أفكاراً عن الانتحار أو إيذاء النفس، فعليك أن تطلب المساعدة الطبية على الفور.
إذا قررت التواصل مع طبيب الأسرة أو أن تزور عيادة قريبة منك، فمن المحتمل أن يتم طرح بعض الأسئلة عليك لتحديد مدى خطورة حالتك ولتقييم ما يراودك من أفكار.
تتضمن بعض الأسئلة التي قد تُطرح عليك ما يلي:
- هل لديك تاريخ مع المشاكل الصحية النفسية؟
- منذ متى تراودك هذه الأفكار الانتحارية؟
- هل لديك خطة بهذا الخصوص؟
- هل تتناول أي نوع من الأدوية؟ إذا كان الأمر كذلك، ما هو نوع الأدوية التي تأخذها؟
- ما هو معدل تعاطيك للكحول أو العقاقير المخدرة؟
قد يُطلب منك أن تملأ استبياناً، إذ ستساعد هذه الأسئلة الطبيب في تحديد ما إذا كان من الممكن أن تستفيد من تقييم قد يجريه أخصائي صحة نفسية أو إذا كان العلاج مطلوباً.
علاج التفكير الانتحاري
قد يكون التفكير الانتحاري وإيذاء النفس أحد أعراض مشكلة أساسية كامنة. يمكن أن يحيلك طبيبك إلى أخصائي صحة نفسية لمزيد من التقييم. إذا تم تشخيصك بأي اضطراب أو مشكلة نفسية مثل الاكتئاب، قد يوصي طبيبك بالعلاج في مكان آمن لمناقشة أي مشكلات قد تسبب لك التوتر أو القلق.
قد يصفُ طبيبك أيضاً بعض الأدوية للمساعدة في علاج الأعراض، وقد تساعد استراتيجيات الرعاية الذاتية في تخفيف الأعراض جنباً إلى جنب مع العلاج النفسي أو الدواء.
يمكن لمجموعات الدعم النفسي؛ سواء كانت عبر الإنترنت أو بشكل شخصي، أن توصلك مع أشخاص آخرين لديهم مشكلات مشابهة، إذا كنت بحاجة إلى مساعدة أو موارد إضافية، وقد تؤمن لك الدعم.
متى يعتبر التفكير الانتحاري حالة طبية طارئة؟
إذا كان هناك تهديد مباشر بالانتحار أو محاولة للانتحار أو إيذاء النفس، عليك الاتصال فوراً برقم الطوارئ؛ وبناءً على خطورة الموقف، قد يتم نقل الشخص إلى غرفة الطوارئ.
قد يتم إدخالك إلى المستشفى إذا ثبت أنك في خطر إيذاء نفسك وذلك لإجراء مزيد من التقييم، ويتم إحالتك إلى أخصائي صحة نفسية بمجرد خروجك من المستشفى. بينما إذا كان التهديد منخفضاً، قد ينصحونك بالذهاب إلى أخصائي بالقرب منك.
منع الأفكار الانتحارية
إذا كان تراودك أفكار انتحارية أو تخص إيذاء الذات، قد يساعدك فهم متى تراودك هذه الأفكار في السيطرة عليها.
حاول أن تحدد المواقف التي قد تثير هذه المشاعر وقم بتدوينها في مفكرة أو متتبع وقت حدوثها وكيف تقوم بالتعامل معها.
ضع في اعتبارك الاحتفاظ بدفتر يوميات لمساعدتك في تتبع أي أفكار أو مشاعر مؤلمة.
جرب بعض استراتيجيات الرعاية الذاتية لتخفيف مشاعر الاكتئاب أو القلق، مثل التنفس العميق أو التأمل أو النشاط البدني.
فكر في التواصل مع شخص تثق به أو مع طبيب العائلة عندما تبدأ هذه المشاعر أو الأفكار بمراودتك.
إذا كنت تمر بأزمة، فكر في الحصول على المساعدة على الفور. تذكر أنك لست بمفردك، ويوجد الكثير من المراجع والمصادر المتوفرة لمساعدتك على الفور.
كيف تقدم المساعدة لمن يحتاجها؟
إذا راودك شك بأنّ شخصاً تعرفه تراوده أفكار تخص الانتحار أو إيذاء الذات فهناك خمس خطوات تستطيع اتباعها لمساعدته:
- اسأله: هل تفكر بالانتحار؟
- احرص على أن تكون متواجداً لتظهر دعمك سواء كان ذلك بشكل شخصي أو على الهاتف
- حاول أن تكتشف إذا كان هذا الشخص في مأمن من الأسلحة النارية أو أي أدوات قد تكون مميتة مثل الأدوية أو الأدوات الحادة وقم بإبعاده عن هذا الخطر.
- إيصاله مع أشخاص يستطيعون تقديم المساعدة على الفور. يمكنك الاتصال برقم الطوارئ.
- قم بمتابعته بعد أن قمت بإيصاله مع أشخاص يستطيعون تقديم المساعدة الفورية لترى كيف حاله وكيف تستطيع تقديم الدعم بشكل آخر.
طرق إضافية يمكن اتباعها للمساعدة في منع الانتحار
هناك بعض الأشياء التي نستطيع القيام بها للمساعدة:
- تقديم الدعم للمحتاجين.
- خلق بيئات آمنة وداعمة.
- تعزيز الوصول إلى العناية الصحية المناسبة.
- تقديم برامج في مجتمعاتنا تعمل على جمع الناس معاً.
- تقديم الخدمات التي تعلم مهارات التكيف وحل المشكلات لمساعدة الناس في إدارة المواقف العصيبة.
- تعزيز صحة الشخص ورفاهيته؛ سواء في العمل، المنزل أو غيرها
- تعلم أعراض التفكير في الانتحار وكيفية التعامل مع هذه المواقف وأين تستطيع إيجاد المساعدة.
اقرأ أيضاً: الأفكار الانتحارية عند المراهقين، ما أسبابها؟ وكيف يمكن التخلص منها؟
اقـرأ أيضاً: الأفكار الانتحارية لدى الأطفال، الأسباب وعوامل الخطر المحتملة
اقرأ أيضاً: كيف تساعد صديقاً يشعر برغبة في الانتحار؟
المصدر: ?What Is Suicidal Ideation
تدقيق: هبة محمد
تحرير: جعفر ملحم