ما هي الكفاءة الذاتية؟ ولماذا يعد الإيمان بالنفس أمراً مهماً؟

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

عندما تواجه تحدياً ما، هل تشعر أنه يمكنك النهوض وتحقيق هدفك أم أنك تستسلم لحالة الهزيمة؟ هل تبقى طاقتك كما هي، أو أنك تشك في قدراتك على النهوض والتغلب على الصعوبات التي تلُقيها الحياة في طريقك؟ هل تشعر أنك تمتلك الكفاءة الذاتية؟ أم أن لديك ضعف في الإيمان بالنفس؟سنخبرك في هذا المقال كيفية تنمية وبناء الكفاءة الذاتية والتخلص من أي ضعف فيها.

ما هي الكفاءة الذاتية؟

الكفاءة الذاتية (Self-efficacy) هي الإيمان بالنفس، أي إيمان الشخص بقدرته على النجاح في موقف معين. وصف عالم النفس ألبرت باندورا (Albert Bandura) هذه المعتقدات عن الذات بأنها محددات لكيفية تفكير الناس وسلوكهم وشعورهم.

لا تلعب الكفـاءة الذاتية دوراً في ما تشعر به تجاه نفسك فحسب، بل فيما إذا كنت ستحقق أهدافك في الحياة بنجاح أم لا.

يعد مفهوم الكفـاءة الذاتية أمراً أساسياً في النظرية المعرفية الاجتماعية لـ ألبرت باندورا، والتي تؤكد على دور التعلم القائم على الملاحظة والخبرة الاجتماعية والحتمية المتبادلة (reciprocal determinism) في تطوير الشخصية.

تعد الكفـاءة الذاتية جزءاً من النظام الذاتي الذي يتألف من مواقف الشخص وقدراته ومهاراته المعرفية، وفقاً لباندورا. يلعب هذا النظام دوراً رئيسياً في كيفية إدراكنا للمواقف والاستجابة لمختلفها، إذ تعد الكفـاءة الذاتية جزءاً جوهرياً من هذا النظام. 

أساسيات الكفاءة الذاتية

وفقاً لـ ألبرت باندورا، فإن الكفـاءة الذاتية هي: “الإيمان بقدرات الفرد على تنظيم وتنفيذ مسارات العمل المطلوبة لإدارة المواقف المحتملة”.

الكفـاءة الذاتية هي إيمان الشخص بقدرته على النجاح في موقف معين؛ وصف باندورا هذه المعتقدات بأنها تمثل محددات لطريقة تفكير الناس وتصرفهم وشعورهم.

منذ أن نشر باندورا مادته المؤثرة عام 1977، بعنوان “الكفاءة الذاتية: نحو نظرية موحدة للتغيير السلوكي“، أصبح هذا الموضوع أحد أكثر الموضوعات المدروسة في علم النفس. 

لماذا أصبحت الكفاءة الذاتية موضوعاً مهماً بين علماء النفس والمعلمين؟ 

كما أوضح باندورا وغيره من الباحثين، يمكن أن يكون تأثير الكفـاءة الذاتية على كل شيء بدءاً من الحالات النفسية وصولاً إلى السلوك والتحفيز.

تحدد الكفـاءة الذاتية الأهداف التي نختار السعي وراءها، وكيف نبدأ بتحقيق تلك الأهداف وكيف ينعكس ذلك على أدائنا.

يشكل إيماننا بالقدرة على النجاح دوراً مهماً في طريقة تفكيرنا وتصرفنا وشعورنا تجاه مكانتنا في العالم. 

دور الكفاءة الذاتية 

يمكن لجميع الأشخاص تقريباً تحديد الأهداف التي يريدون تحقيقها والأشياء التي يرغبون في تغييرها أو إنجازها.

ومع ذلك، يدرك معظم الناس أيضاً أن وضع هذه الخطط موضع التنفيذ ليس بهذه البساطة. وجد باندورا وآخرون غيره أن بناء وتنمية الكفاءة الذاتية للفرد له دور رئيسي في كيفية سيرورة الأهداف والمهام والتحديات.

يتمتع الأشخاص ذوو الإحساس القوي بالكفـاءة الذاتية بالآتي:

  • الاهتمام العميق بالأنشطة التي يشاركون فيها. 
  • تكوين شعور أقوى بالالتزام بمصالحهم وأنشطتهم. 
  • التعافي بسرعة من النكسات وخيبات الأمل
  • النظر إلى التحديات الصعبة على أنها مهام يجب إتقانها. 

يتصف الأشخاص الذين يعانون من ضعف الإحساس بالكفاءة الذاتية بالآتي:

  • تجنب التحديات الصعبة. 
  • الاعتقاد أن المهام والمواقف الصعبة تتعدى حدود قدراتهم. 
  • التركيز على الإخفاقات الشخصية والنتائج السلبية. 
  • فقدان الثقة بالمهارات الشخصية. 

كيف تتطور الكفاءة الذاتية؟

نبدأ في تكوين إحساسنا بالكفاءة الذاتية في مرحلة الطفولة المبكرة من خلال التعامل مع مجموعة متنوعة من التجارب والمهام والمواقف.

ومع ذلك، فإن بناء وتنمية الكفاءة الذاتية لا ينتهي خلال فترة الشباب ولكنه يستمر في التطور طوال الحياة؛ إذ يكتسب الناس مهارات وخبرات ومعارف جديدة. 

حدد باندورا أربعة مصادر رئيسية للكفاءة الذاتية.

1. تجارب المهارة والإتقان 

أوضح باندورا أن “الطريقة الأكثر فاعلية لبناء وتنمية الكفاءة الذاتية هي من خلال تجارب المهارة والإتقان”.

يقوي أداء مهمة بنجاح إحساسنا بالكفاءة الذاتية وقد يضعف الفشل في التعامل بشكل مناسب مع مهمة أو تحدٍ ما من الكفـاءة الذاتية.

2. النمذجة الاجتماعية

مشاهدة أشخاص آخرين يكملون مهمة ما بنجاح هو مصدر مهم آخر للكفاءة الذاتية. وفقاً لباندورا: “رؤية أشخاص يشبهوننا ينجحون عند بذلهم جهداً متواصلاً يحفز إيمان المراقبين لهم أن لديهم أيضاً القدرات لإتقان أنشطة مماثلة تتكلل بالنجاح.”

3. الإقناع الاجتماعي

أكد باندورا أيضاً أنه يمكن إقناع الناس بالاعتقاد أن لديهم المهارات والقدرات للنجاح. خذ بالاعتبار ما قاله أحدهم حيال شيء إيجابي ومشجع ساعدك في تحقيق هدف ما.

يساعد تلقي وسماع التشجيع اللفظي من الآخرين الناس في التغلب على الشك الذاتي والتركيز على بذل قصارى جهدهم للمهمة التي يقومون بها.

4. الاستجابات النفسية

تلعب استجاباتنا والانفعالات العاطفية تجاه المواقف دوراً مهماً في الكفـاءة الذاتية والإيمان بالنفس. يمكن أن تؤثر الحالة المزاجية والعاطفية وردود الفعل الجسدية ومستويات التوتر على شعور الشخص تجاه قدراته الشخصية في موقف معين.

قد يصاب الشخص الذي يصبح متوتراً بشكل كبير قبل التحدث في الأماكن العامة بإحساس ضعيف بالكفاءة الذاتية في هذه المواقف.

ومع ذلك، يشير باندورا أيضاً إلى أنه ” ليست الشدة العاطفية والتفاعلات الجسدية هي المهمة فحسب، بل بالأحرى كيفية فهمها وتفسيرها”. 

من خلال تعلم كيفية تقليل التوتر ورفع الحالة المزاجية عند مواجهة المهام الصعبة أو العصيبة، يمكن للناس تحسين إحساسهم بالكفاءة الذاتية.

أمثلة على الكفاءة الذاتية العالية

إذاً، كيف تبدو الكفـاءة الذاتية العالية بالضبط؟ ربما يمكنك التفكير في بعض الأمثلة من حياتك الخاصة بما في ذلك المجالات التي تشعر فيها بقدر كبير من الفعالية.

قد يمتلك الناس إحساساً عاماً بالكفاءة الذاتية (الإيمان بالنفس)، أو في مجال معين حيث يعتقدون أنهم قادرون على القيام بعمل جيد مثل المدرسة والعمل والصداقات وتربية الأبناء والرياضة والهوايات وغيرها من المجالات.

تتضمن بعض الأمثلة على الكفـاءة الذاتية القوية والإيمان بالنفس ما يلي:

  • شخص يكافح من أجل علاج مرض مزمن ولكنه يشعر بالثقة في قدرته على العودة إلى المسار الصحيح وتحسين صحته من خلال العمل الجاد واتباع توصيات الطبيب.
  • طالب يشعر بالثقة في أنه سيكون قادراً على تعلم المعلومات والقيام بعمل جيد في الاختبار.
  • شخص قبل للتو منصباً في وظيفة لم يعمل به من قبل، لكنه يشعر أن لديه القدرة على التعلم وأداء الوظيفة بشكل جيد.

يمكن أن تلعب الكفـاءة الذاتية والإيمان بالنفس دوراً مهماً في الصحة النفسية وكيف يدير الناس صحتهم وتغذيتهم ومرضهم. على سبيل المثال، يمكن أن يساعد الشعور القوي بالكفاءة الذاتية الأشخاص الذين يحاولون الإقلاع عن التدخين على الالتزام بأهدافهم.

يمكن أن يتأثر الحفاظ على خطة لخسارة الوزن وإدارة الألم المزمن والإقلاع عن الكحول والالتزام بجدول التمارين الرياضية واتباع خطة الأكل بمستويات الكفـاءة الذاتية لدى الشخص.

يقترح باندورا أن الكفـاءة الذاتية يمكن أن تفيد إحساس الشخص بالسعادة والرفاه بعدة طرق، كأن يبقى متفائلاً وواثقاً من قدراته حتى عندما تصبح الأمور صعبة.

نظراً لأن الأفراد ذوي الكفاءة الذاتية العالية ينظرون إلى الصعوبات على أنها تحديات وليست تهديدات، فإنهم يميلون إلى أن يكونوا أكثر اهتماماً بالمهام التي يسعون إليه بشكل فطري. بالنسبة لهم، لا تعني الصعوبة والفشل الهزيمة. بدلاً من ذلك ، يضاعف هؤلاء الأفراد جهودهم ويبحثون عن طرق جديدة للتغلب عليها.

مشاكل ضعف الكفاءة الذاتية 

يميل الأشخاص ذوو الكفاءة الذاتية المنخفضة إلى رؤية المهام الصعبة على أنها تهديدات يجب عليهم تجنبها. لهذا السبب يميلون أيضاً إلى التهرب من تحديد الأهداف وتكون لديهم مستويات منخفضة من الالتزام بتلك التي يقومون بها.

عندما تحدث النكسات، فإنهم يميلون إلى الاستسلام بسرعة؛ لأنهم لا يثقون كثيراً في قدرتهم على الإنجاز، فمن المرجح أن يواجهوا مشاعر الفشل والاكتئاب.

يمكن أن يكون التعامل مع المواقف العصيبة أمراً صعباً للغاية ويكون هؤلاء أقل مرونة وأقل قدرة على التعافي والنهوض من جديد. 

تقييم قوة الكفاءة الذاتية

للحصول على تقييم سريع وغير رسمي لمستويات الكفاءة الذاتية الخاصة بك، ضع في اعتبارك الأسئلة التالية:

  1. هـل تشعر أنه يمكنك التعامل مع المشاكل إذا كنت على ترغب بالعمل الجاد؟
  2. هل أنت واثق من قدرتك على تحقيق أهدافك؟
  3. هـل تشعر أنه يمكنك إدارة الأحداث غير المتوقعة التي تطرأ؟
  4. هل أنت قادر على التعافي بسرعة كبيرة بعد الأحداث المجهدة؟
  5. هـل تشعر أنه يمكنك التوصل إلى حلول عندما تواجه مشكلة؟
  6. هل تستمر في المحاولة حتى عندما تبدو الأمور صعبة؟
  7. هل تجيد الحفاظ على هدوء أعصابك حتى وسط الفوضى؟ 
  8. هـل تؤدي أداءً جيداً حتى تحت الضغط؟
  9. هـل تميل إلى التركيز على تقدمك بدلاً من أن تشعر بالإرهاق بسبب ما عليك القيام به؟
  10. هل تعتقد أنك ستحصد ثمار العمل الجاد في النهاية؟

إذا كان بإمكانك الإجابة بنعم على العديد من هذه الأسئلة أو معظمها، ففرصتك كبيرة في أنك تمتلك إحساساً قوياً  بالكفاءة الذاتية إلى حد ما. إذا كنت تشعر أن كفاءتك الذاتية يمكن تعزيزها، ففكر في بعض الاستراتيجيات التالية لتحسينها. 

بناء الكفاءة الذاتية

لحسن الحظ أن الكفاءة الذاتية هي مهارة نفسية يمكنك تعزيزها وتنميتها. ابدأ بالبحث عن طرق يمكنك من خلالها دمج مصادر باندورا للكفاءة الذاتية في حياتك الخاصة.

احتفل بنجاحك

تلعب تجارب الإتقان دوراً حاسماً في تأسيس وتنمية الكفاءة الذاتية. في الواقع لقد حدد باندورا هذه الطريقة على أنها الطريقة الأكثر فعالية لخلق شعور قوي بـ الإيمان بالنفس.

عندما تنجح في أمر ما، تكون قادر على بناء إيمان قوي بقدرتك. من ناحية أخرى، يمكن للفشل أن يقوّض هذه المشاعر، خاصة إذا كنت لا تزال في المراحل الأولى من بناء الشعور بالكفاءة الشخصية. 

ومع ذلك، فإن الأنواع المثالية للنجاحات ليست بالضرورة تلك التي تأتي بسهولة. إذا واجهت الكثير من النجاح السهل، فقد تجد نفسك تستسلم بسهولة أكبر عندما تواجه الفشل في النهاية.

لذا اعمل على تحديد أهداف قابلة للتحقيق، ولكن ليس بالضرورة أن تكون سهلة، إذ سوف تحتاج إلى العمل والمثابرة، لكنك ستبرز وفي حوزتك إيمان أقوى بقدراتك بمجرد تحقيق تلك الأهداف.

راقب الآخرين

حدد باندورا أيضاً الخبرات غير المباشرة التي يتم الحصول عليها من خلال نمذجة الأقران كوسيلة مهمة أخرى لتأسيس وتقوية الكفاءة الذاتية. نتيجة لذلك، يمكن أن تؤدي رؤية الآخرين وهم يبذلون الجهد والنجاح إلى زيادة إيمانك بقدرتك على النجاح.

أحد العوامل التي تلعب دوراً رئيسياً في فعالية هذا النهج هو مدى تشابه النموذج مع نفسك. كلما شعرت أنك تشبهه، زادت احتمالية أن ملاحظاتك ستزيد من إحساسك بالكفاءة الذاتية.

ابحث عن التأكيدات الإيجابية

يمكن أن يساعد سماع التعليقات الإيجابية من الآخرين في تحسين إحساسك بالكفاءة الذاتية. حاول بنفس الطريقة تجنب طلب آراء الأشخاص الذين تعرف أنهم من المرجح أن يكون لديهم وجهة نظر سلبية أو انتقادية لأدائك.

على سبيل المثال، إخبار طبيبك لك بقيامك بعمل جيد من ناحية الالتزام بخطة نظامك الغذائي يمكن أن يكون مشجعاً. يمكن أن تساعدك التعليقات الواردة من الأصدقاء والموجهين والأطباء الممارسين والأشخاص الذين تحترمهم على الشعور بثقة أكبر في قدراتك.

يمكن أن تكون التعليقات الاجتماعية الإيجابية مفيدة في تقوية شعورك الحالي بالكفاءة، ولكن التعليقات السلبية غالباً ما يكون لها تأثير سلبي قوي.

اقترح باندورا أن التعليقات الاجتماعية وحدها لا تكفي لبناء ثقتك بنفسك لكنها يمكن أن تكون أداة مفيدة عندما تحتاج إلى القليل من التشجيع الإضافي.

انتبه لأفكارك وعواطفك

إذا وجدت نفسك قلقاً أو متوتراً قبل حدث صعب، فقد تشعر أنك أقل ثقة في قدرتك على التعامل مع المهمة التي تقوم بها.

هناك طريقة أخرى من أجل تنمية الكفاءة الذاتية وهي البحث عن أساليب لإدارة أفكارك وعواطفك المتعلقة بما تحاول تحقيقه.

هل تشعر بالقلق؟ يمكن أن يساعدك البحث عن طرق لتخفيف مستويات التوتر لديك على الشعور بثقة أكبر في قدراتك وتنمية الكفاءة الذاتية لديك.

هل تجد نفسك عالقاً في قوقعة الأفكار السلبية؟ ابحث عن طرق لاستبدال السلبية بالحديث الذاتي الإيجابي الذي يعزز الثقة بالنفس.

خلاصة

هناك عدد من المقاييس المختلفة التي تُستخدم لتقييم مستويات الكفاءة الذاتية بما في ذلك مقياس الكفاءة الذاتية العام (GSE) واستبيان الكفاءة الذاتية. يمكن أن يلعب تطوير شعور قوي بالكفاءة الذاتية دوراً مهماً في كل جانب من جوانب حياتك تقريباً. 

الحياة مليئة بالتحديات، والمستويات العالية من الكفاءة الذاتية يمكن أن تساعدك على التعامل بشكل أفضل مع هذه الصعوبات بشكل أكثر فعالية.

يمكن أن يتنبأ إيمانك بقدراتك بمدى التحفيز الذي تشعر به، وكيف تشعر حيال نفسك ومقدار الجهد الذي تبذله لتحقيق أهدافك. وبذلك ستتغلب بكل تأكيك على ضعف الكفاءة الذاتية لديك.

اقرأ أيضاً: الشعور بعدم التقدير، ما هو وكيف تتعامل معه؟

اقرأ أيضاً: استراتيجيات تخفيف التوتر الفعالة في حياتك

المصدر: Self Efficacy and Why Believing in Yourself Matters

تدقيق: هبة مسعود

تحرير: جعفر ملحم

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

error: