ما هي التشوهات المعرفية؟ وما هي أنماط التشوهات المحددة في العلاج السلوكي المعرفي؟

خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي

التشوهات المعرفية (cognitive distortions) هي أنماطٌ سلبية أو غير منطقية من التفكير. يمكن لهذه الأفكار أن تلعب دوراً في تبديد الدوافع والتقليل من تقدير الذات. إضافة إلى مساهمتها في حدوث مشاكل نفسية مختلفة كالقلق، الاكتئاب وتعاطي المواد المخدرة.

يُعد العلاج المعرفي السلوكي (CBT) منهجاً يساعد الأفراد في التعرف على هذه التشوهات المعرفية. واستبدالها بأفكارٍ أكثر إفادةً وواقعية. علاج أنواع أمثلة على التشوهات المعرفية في علم النفس.

يناقش هذا المقال الأنماط المختلفة من التشوهات المعرفية، إذ يشرح ماهيتها وطريقة عملها. ويَعرِض أمثلةً افتراضية تبيّن كيف يؤثر هذا النوع من التفكير على السلوك.




تفكير الكل أو اللا شيء

يُعرف تفكير الكل أو اللاشيء أيضا بالتفكير الأبيض والأسود أو التفكير القطبي. ينطوي هذا النوع من التفكير على رؤية الأشياء بحدودها المطلقة. أي أن المواقف كلها إما بيضاء أو سوداء دائماً، إما الكل أو اللاشيء، الجيد أو السيء، و النجاح أو الفشل. علاج أنواع أمثلة على التشوهات المعرفية في علم النفس.

يترافق تفكير الكل أو اللاشيء مع بعض الاضطرابات الصحية النفسية، مثل اضطراب الشخصية النرجسية (NPD) أو اضطراب الشخصية الحدية (BPD).

على سبيل المثال، تشعر جوان أنها فاشلة في المدرسة، إذ كلما ارتكبت خطأ ما فإنها تستسلم وتفترض أنها لن تحسن الأداء بدلاً من الاعتراف بهذا الخطأ ومحاولة تجاوزه.

تكمن مشكلة هذا النمط من التفكير في كونه لا يترك أي مجال للاعتراف بأي شيء بين الطرفين النقيضين. ويمكنه أن يضعف من دافعك وثقتك بنفسك ويجعل من الالتزام بالأهداف طويلة الأمد أمراً صعباً.

على سبيل المثال، بدلاً من الالتزام بخطة أكلٍ صحية، فإنك تستسلم وتنعت نفسك بالفاشل في كل مرة تحيد فيها عن خطتك. أو تشعر أن البدء بخطة تمارين جديدة يبدو دون أمل. لأنك تعتقد أنه طالما لا يمكنك الالتزام 100% بها، فأنت شخص فاشل.

يساعد العلاج المعرفي السلوكي في تخطي هذا النوع من التشوهات المعرفية من خلال مساعدتك على إدراك أن النجاح والتقدم ليست من مفاهيم الكلّ أو اللاشيء. علاج أنواع أمثلة على التشوهات المعرفية في علم النفس.

من خلال استهداف هذا النمط من التفكير واستبدال أفكار هزيمة الذات. ستشعر بشعور أفضل حيال ما تنجزه وستدرك مواطن القوة لديك.

التعميم المفرط

يحدث التعميم المفرط عندما تأخذ حُكماً أو تضع قاعدةً بعد حدثٍ واحد أو سلسلةٍ من الصُدف. تتكرر كلمات “دائماً” و “أبداً” في هذه الحالة، إذ تفترض أن كل الأحداث سيكون لها نفس النتيجة لمجرد أنك مررت بتجربة واحدة سارت بطريقة معينة.

على سبيل المثال، استنتج الشاب بين، بعد سلسلةٍ من المصادفات، أن الرقم 7 هو رقم حظه. وعمّم هذه الفكرة على ألعاب القمار التي تتضمن الرقم 7 مهما تكن عدد المرات التي يخسر فيها.

تكمن مشكلة هذا النوع من التفكير في أنه لا يأخذ بالحسبان الاختلاف بين المواقف ولا الدور الذي يلعبه الحظ والصدفة. يمكن أن يكون لهذا التفكير عدة تأثيرات على الطريقة التي يفكر ويتصرف بها الناس في المواقف المختلفة.

يترافق التعميم المفرط مع تطور واستمرارية اضطرابات القلق المختلفة. فعندما يكون للناس تجربةٌ سيئة في موقف ما، فإنهم سيفترضون أن نفس الأمر سيحدث مجدداً في المستقبل.

تشير الأبحاث إلى أن هذا النوع من التشوه المعرفي شائعٌ بين الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). إذ أن تعميم الخوف من موقفٍ واحد على المواقف والأحداث المستقبلية. يمكنه أن يخلق مشاعر من القلق تؤدي بدورها إلى تجنب مثل هذه المواقف. علاج أنواع أمثلة على التشوهات المعرفية في علم النفس.

التصفية العقلية 

تعد التصفية العقلية نقيضاً للتعميم المفرط إلا أن لها نفس النتائج السلبية. فبدلاً من أخذ موقف صغير وتعميمه بشكلٍ غير مناسب، تأخذ التصفية العقلية موقفاً ما وتركز عليه فقط حاجبةً أي شيء عداه.

يمكن أن يساهم هذا النوع من التشوه المعرفي في حدوث مشاكل تنطوي على الإدمان، القلق وضعف الإيمان بالذات ومشاكل شخصية من بين مشاكل أخرى أيضاً.

على سبيل المثال، يركز ناثان على كل الأشياء السلبية والمؤذية التي قام بها أو قالها شريكه خلال فترة علاقتهم. ولكنه يغضّ النظر عن كل الأشياء اللطيفة والطيبة التي يفعلها. يساهم هذا التفكير في نشوء مشاعر سلبية تجاه شريكه وتجاه علاقتهم على حد سواء.

يؤثر حجب (تصفية) الأمور الإيجابية والتركيز على السلبية منها على صحتك النفسية. إذ وجدت إحدى الدراسات أنه عندما يركز الناس على المعتقدات السلبية عن الذات فإن هذا يساهم في تطور مشاعر فقدان الأمل ويزيد من خطورة نشوء التفكير الانتحاري. علاج أنواع أمثلة على التشوهات المعرفية في علم النفس.

رفض (خصم) إيجابيات الأحداث 

إن رفض ما هو إيجابي يعد تشوّهاً معرفياً، ويتضمن تجاهل أو إبطال جدوى الأشياء الجيدة التي حدثت لك. وهو يشبه التصفية العقلية ولكن بدلاً من تجاهل الإيجابيات فقط فإنك تقوم برفضها تماماً.

على سبيل المثال، أكمل جويل مشروعاً وتلقى جائزة على عمله الرائع، وبدلاً من الشعور بالفخر بإنجازاته قام بنسبها إلى الحظ المطلق الذي لا علاقة له بموهبته أو بجهده.

عندما يستخدم الناس هذا النمط من التفكير فإنهم ينظرون للأحداث على أنها مجرد حظ. ولأنهم ينظرون دائماً للإيجابيات على أنها غير طبيعية وشاذة، فهم لا يتوقعون حدوثها مجدداً في المستقبل. 

تكمن مشكلة هذا النوع من التفكير في أنه يقلل إيمانك بقدراتك، وبدلاً من إدراك نقاط قوتك. تفترض بأنك شخص غير كفء وغير موهوب وقد حالفك الحظ ليس إلا.

عندما تقوم برفض وخصم ما هو إيجابي، وتزداد بالتالي التحديات، ستخسر إيمانك بقدرتك على مواجهتها وتخطيها. يمكن لفقدان الإيمان بذاتك أن يؤدي إلى تطور الإحساس باليأس المكتسب. حيث تفترض أنه لا جدوى من محاولة تغيير النتيجة.

استباق النتائج

هناك طريقتان لاستباق النتائج:

  • قراءة الأفكار، عندما تعتقد أن شخصاً ما سيستجيب بطريقة معينة، أو أنه يفكر بأشياء غير موجودة.
  • التنجيم، عندما تتنبأ أن الأحداث ستجري بطريقة معينة؛ وذلك لتتجنب القيام بأمر صعب عادة.

على سبيل المثال، قام جيمي بتجربة قراءة الطالع (التنجيم) عندما اعتقد أنه لا يستطيع أن يقضي حياته دون الهيروين، لكنه في الواقع يستطيع وقد استطاع ذلك فعلا. علاج أنواع أمثلة على التشوهات المعرفية في علم النفس.

تضخيم الأحداث (التهويل)

التضخيم هو المبالغة في أهمية العقبات والمشاكل مع التقليل من أهمية الصفات المرغوب فيها. كما هو الحال في التصفية العقلية ورفض الإيجابية، يتضمن هذا التشوه المعرفي تهويل الصفات السلبية والتقليل من الإيجابية منها.

عندما يحدث أمرٌ سيء، فإنك تنظر إليه على أنه “دليل” على فشلك، ولكن عندما يحدث أمر جيد، فإنك تقلل بالمقابل من أهميته. 

على سبيل المثال، قد يهوّل الشخص المدمن على مسكنات الألم من أهمية التقليل من كل الآلام التي يشعر بها ويبالغ بمدى عدم قدرته على تحملها.

يمكن أن يؤثر هذا التفكير على سلوكنا بطرق مختلفة، إذ يمكنه أن يساهم في تكوّن مشاعر القلق والخوف والرعب، لأنه يجعل الناس يبالغون بأهمية المشاكل غير المهمة.

يعتقد الناس أحياناً أن الآخرين يلاحظون ويحكمون حتى على الزلات الصغيرة. بنفس الوقت، سيقللون من قدرتهم على مواجهة مشاعر القلق والتوتر؛ ما يؤدي إلى تفاقمها واتباع سلوكيات التجنب والهروب. علاج أنواع أمثلة على التشوهات المعرفية في علم النفس.

التبرير العاطفي 

يشير التبرير العاطفي إلى الطريقة التي تحكم بها على نفسك أو على ظروفك بناءً على مشاعرك. على سبيل المثال، استخدمت جينى التبرير العاطفي للوصول إلى نتيجةٍ مفادها أنها شخصٌ بلا قيمة؛ وهذا ما أدى بها إلى الأكل بشراهة.

يفترض هذا النوع من التبرير أن ما تعانيه من مشاعر سلبية ما هو إلا انعكاسٌ دقيق للواقع. إذا كنت تعاني من الإحساس بالذنب، على سبيل المثال، سيدفعك هذا التشوه المعرفي (التبرير العاطفي) إلى الاعتقاد بأنك شخصٌ سيء. يساهم هذا النوع من التفكير بعدد من المشاكل، من ضمنها الشعور بالقلق والاكتئاب. 

بينما أظهرت الأبحاث أن هذا التشوه المعرفي شائعٌ أكثر لدى الناس الذين يعانون من القلق والاكتئاب، إلا أنه طريقةُ تفكير منتشرةٌ جداً وينخرط بها أشخاص كثر.

يمكن أن يساعد العلاج المعرفي السلوكي الناس على تعلّم كيفية فهم علامات التبرير العاطفي والانتباه إلى أنها مشاعرٌ وليست حقائق.

عبارات “الوجوب” 

تتضمن عبارات “الوجوب” التفكير بالأشياء على أنه “يجب” القيام بها أو “عليك” القيام بها؛ يمكن أن يجعلك هذا النوع من الكلمات تشعر بالقلق أو التوتر. علاج أنواع أمثلة على التشوهات المعرفية في علم النفس.

يمكنها أيضاً أن تسبب الشعور بالذنب أو بالفشل، ولأنك تؤمن بأنه “يجب” القيام بشيء ما، سينتهي بك الأمر إلى الشعور الدائم بالإخفاق. علاج أنواع أمثلة على التشوهات المعرفية في علم النفس.

إن هذه العبارات ما هي إلا طريقة من طرق هزيمة الذات نقولها لأنفسنا وتجعلنا نركز على المعايير صعبة المنال. ثم، عندما تنضب أفكارنا، فإننا نبدو فاشلين بنظر أنفسنا، وهذا ما يسبب الهلع والقلق.

على سبيل المثال، تعتقد تشيريل أنها “يجب” أن تكون قادرة على عزف أغنية على الكمان دون ارتكاب أية أخطاء، وعندما تفعل، فإنها تغضب وتنزعج من نفسها؛ ونتيجة لذلك تتجنب التمرن على الكمان.

التوسيم 

يعد التوسيم تشوهاً معرفياً يتضمن الحكم على نفسك أو على غيرك كـ “شخص” عوضاً عن النظر إلى سلوكياته التي يقوم بها على أنها أشياء قام بها والتي لا تحدده كـ “فرد”. علاج أنواع أمثلة على التشوهات المعرفية في علم النفس.

يمكنك أن تنظر إلى هذا التشوه المعرفي على أنه نمطٌ متطرّف من تفكير الكل أو اللاشيء، لأنه يتضمن وسم شخص ما بإسم دون ترك مجال لأي شيء خارج هذا الصندوق الضيق والمحدود.

على سبيل المثال، قد توسم نفسك بالفشل أو قد توسم الأشخاص الآخرين بذلك أيضاً، وقد تقرر أن هذا الشخص أحمق بعد موقفٍ واحد، وتستمر بهذا الحكم عليه في المواقف المستقبلية دون إفساح المجال لتغيير رأيك به.

التخصيص (إضفاء الطابع الشخصي) وإلقاء اللوم

هو تشوّه معرفي تقوم خلاله بلوم نفسك أو لوم شخصٍ آخر على موقفٍ تدخَّلت به العديد من العوامل التي كانت خارج سيطرتك في الواقع. علاج أنواع أمثلة على التشوهات المعرفية في علم النفس.

على سبيل المثال، ألقت آنّا باللوم على نفسها عندما نالت ابنتها درجة سيئة في المدرسة. وبدلاً من محاولة إيجاد سبب لما تواجهه ابنتها والبحث عن طرق جديدة للمساعدة، افترضت أنّا أن هذا دليل على أنها أمّ سيئة.

يمكن أن يسبب إضفاء الطابع الشخصي وإلقاء اللوم الشعورَ بعدم الكفاءة، إضافة إلى الشعور بالخزي والذنب.

قد يصل الأمر بنا أيضا إلى لوم الآخرين؛ ففي بعض الحالات، يلقي الناس اللوم على الآخرين بسبب موقف ما متجاهلين العوامل الأخرى التي تلعب دوراً في هذا الموقف.

على سبيل المثال، قد يلومون شركاءهم على المشاكل في العلاقة دون الاعتراف بدورهم الشخصي في هذه المشاكل.

الخلاصة 

تمثل التشوّهات المعرفية طريقةً يستخدمها العقل في خداعنا و إقناعنا بشيء ما ليس صحيحاً في الواقع. على الرغم من شيوع الكثير من التشوهات المعرفية، إلا أن هناك بعض التشوهات التي تشير إلى حالةٍ أكثر خطورة تؤثر سلباً على الصحة النفسية وتؤدي إلى ازدياد أعراض القلق والتوتر أو الاكتئاب. 

إذا كنت تعتقد أن التشوهات المعرفية تغيّر من طريقة فهمك للواقع، وإذا كنت قلقاً بأن هذه الأفكار تؤثر سلباً على حياتك، قم بالتحدث عندها مع مقدم الرعاية الصحية الخاص بك أو مع معالجك النفسي. 

تعد العلاجات، مثل العلاج المعرفي السلوكي، مفيدة ويمكن أن تساعدك في تعلم طرق تفكير أكثر دقة وإفادة.

اقـرأ أيضاً: الانحيازات المعرفية، أسباب حدوثها وبعض الأنواع الشائعة

اقرأ أيضـاً: التفكير ثنائي التفرع واضطراب الشخصية الحدية

اقـرأ أيضاً: ست طرق للمساعدة في إيقاف التفكير الكارثي

المصدر: Cognitive Distortions Identified in CBT

تدقيق: هبة مسعود
مراجعة: أوبستان
تحرير: جعفر ملحم
خدماتنا النفسية والإرشادية
Clear Filters
استشارة مجانية للسوريين
الاستشارة النفسية الطبية
العلاج النفسي
الإرشاد التربوي
الإرشاد الاجتماعي
الإرشاد النفسي
Related Posts

مقالات ذات صلة

Clear Filters
error: