الخرف الوعائي (Vascular Dementia) هو نوع من الخرف الذي يتسبب في تدهور المهارات المعرفية، بما في ذلك الذاكرة والتفكير المنطقي وإصدار الأحكام والكلام. يمكن أن تحدث هذه التغييرات فجأة، أو قد تبدأ بشكل طفيف وتختفي دون أن يلاحظها الشخص في البداية. ما هي أعراض الخرف الوعائي؟ ولماذا يُطلق عليه اسم “الخرف التالي للسكتة الدماغية”؟ ما هو الخرف المختلط؟ وما هي أشكال الخرف الشائعة؟
يقدر أن من بين 5 إلى 10 بالمائة من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً يعانون من الخرف الوعائي. ويمثل 20 إلى 40 في المائة من مجمل حالات الخرف. وهو ثاني أكثر أشكال الخرف الشائعة انتشاراً بعد مرض الزهايمر.
يمكن أن يحدث الخرف الوعائي بمفرده أو بالتزامن مع أشكال أخرى من الخرف، عندها يُطلق على الحالة اسم الخرف المختلط (Mixed Dementia).
أعراض الخرف الوعائي
تعتمد أعراض الخرف الوعائي على الجزء المصاب من الدماغ. أما شدتها فتتوقف على طول المدة التي حُرم منها الدماغ من الأكسجين والدم. وتتداخل العديد من الأعراض مع أعراض الأنواع أخرى من أشكال الخرف الشائعة، وليس من السهل ملاحظة جميع الأعراض.
وتشمل الأعراض الأكثر شيوعاً للخرف الوعائي ما يلي:
- مشكلات التشوش والذاكرة.
- صعوبة في الانتباه والتركيز.
- صعوبة في أداء المهام التي تُعتبر سهلة.
- ضعف في اليدين والقدمين والذراعين والساقين.
- الانفعال أو الانزعاج بسهولة.
- تغييرات في الشخصية أو السلوك.
- اكتئاب.
- وضع الأشياء في غير مكانها.
- التوهان بشكل متكرر.
- مشية غير مستقرة أو مشاكل في التوازن.
- صعوبة التحكم في التبول أو الحاجة للتبول بشكل متكرر.
- صعوبة في العثور على الكلمة الصحيحة أو استخدامها بالموضع المناسب.
- صعوبة في القراءة أو الكتابة.
- هلوسة.
- صعوبة في إصدار الأحكام.
مراحل تقدم الخرف الوعائي
على عكس الأنواع الأخرى من الخَرَف، لا يتقدم الخرف الوعائي دائماً بشكل نموذجي، إذ يمكن أن يحدث فجأة أو يبدأ ببطء.
لكن بشكل عام، فإنه يميل إلى التقدم بطريقة تشابه مرحلة تعلم المشي حيث توجد فترات من التراجع، يليها الاستقرار، ثم التراجع مرة أخرى.
ومع ذلك، يمكن تصنيف المراحل بشكل تقريبي إلى:
- المراحل الأولى: قد يكون إجراء التشخيص صعباً في هذه المراحل لأن الأعراض خفيفة، لكن يلاحظ المصاب أن ذاكرته وقدراته العقلية ليست كما اعتاد عليها من قبل.
- المراحل الوسطى: وهي عندما تصبح الأعراض المذكورة أعلاه أكثر وضوحاً.
- المراحل المتأخرة: في هذه المراحل تحدث تغييرات جذرية في الأعراض المعرفية والجسدية. غالباً ما تحدث هذه المرحلة بعد حدث شديد، مثل سكتة دماغية.
الأسباب
ينتج الخرف الوعائي والذي يعتبر ثاني أشكال الخرف الشائعة انتشاراً عن ضيق أو انسداد في الأوعية الدموية التي تزود الدماغ بالدم.
إذ يؤدي انخفاض تدفق الدم إلى حرمان الدماغ من الأكسجين الذي يحتاجه بشده لأداء وظائفه، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تلف الدماغ بسرعة كبيرة.
وهناك العديد من الحالات التي يمكن أن تتسبب في انخفاض تدفق الدم إلى الدماغ، بما في ذلك:
- ضغط دم مرتفع.
- السكري.
- تمدد الأوعية الدموية أو جلطة دموية.
- نوبة قلبية.
- سكتة دماغية.
لكن السكتة الدماغية هي السبب الأكثر شيوعاً للخرف الوعائي.
وإن سلسلة من السكتات الدماغية الصغيرة مع مرور الوقت، أو سكتة دماغية واحدة كبيرة كفيلان بالتسبب بهذه الحالة، إذ يُصاب ما يصل إلى ثلث الناجين من السكتات الدماغية بالخرف في غضون 6 أشهر.
هذا هو السبب في الإشارة إلى الخرف الوعائي أحياناً باسم “الخرف التالي للسكتة الدماغية” (Post-stroke Dementia).
كما يتعمق الباحثون في الدور السببي لخصائص الدماغ غير النمطي، والتي توجد عادة لدى الأشخاص المصابين بالخرف الوعائي، لأن فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي وجدت أوعية دموية صغيرة مصابة أو تغيرات في المادة البيضاء.
عوامل الخطر
هناك العديد من عوامل الخطر للخرف الوعائي، بما في ذلك:
- العمر.
- تاريخ السكتة الدماغية.
- تاريخ النوبات القلبية.
- الكوليسترول المرتفع.
- السكري.
- الذئبة (lupus).
- ضغط الدم المرتفع.
- ضربات القلب غير المنتظمة.
مقارنة بين الخرف الوعائي والزهايمر
مرض الزهايمر (Alzheimer disease) والخرف الوعائي هما من أشكال الخرف يختلفان عن بعضها وعن الأشكال الأخرى من الخرف مثل خَرَف أجسام ليوي (Lewy body dementia) ومرض باركنسون (Parkinson disease) والخرف الجبهي الصدغي (frontotemporal dementia).
على عكس الخَرَف الوعائي، لا ينتج مرض الزهايمر عن السكتة الدماغية أو انخفاض تدفق الدم إلى الدماغ. كما لا علاقة لمشاكل الأوعية الدموية، مثل السكتة الدماغية وارتفاع الكوليسترول وارتفاع ضغط الدم، بمرض الزهايمر. ولا يوجد سبب معروف لمرض الزهايمر، ويزداد خطر الإصابة به مع التقدم بالعمر.
ويعد مرض الزهايمر الشكل الأكثر شيوعاً للخرف، ويشكل ما يصل إلى 80 بالمائة من إجمالي الحالات المشخصة بالخرف.
غالباً تُلاحظ الأعراض الأولى للزهايمر مثل مشكلات الذاكرة، بالإضافة إلى مشكلات في العثور على الكلمات، أو مشكلات في الرؤية أو المشي، وضعف في التفكير أو الحكم. بينما تكون الأعراض الأولى عصبية غالباً في حالة الخَرَف الوعائي.
وكما سبق وذكرنا يتطور الخرف الوعائي بشكل تدريجي، في حين أن مرض الزهايمر يتدهور بوتيرة أسرع. واحتمال الإصابة بالمرضين معاً قائم رغم اختلافهما.
في الواقع، وفقاً لجمعية مرضى الزهايمر، يعاني حوالي 10 بالمائة من الأشخاص المصابين بالخرف من شكل يسمى الخَرَف المختلط، ومعظم هذه الحالات تنطوي على الخَرَف الوعائي ومرض الزهايمر معاً.
مرض الزهايمر | الخرف الوعائي | |
الأسباب | مجهولة | فقدان التروية المناسبة للدم والأكسجين اللازمة للدماغ |
الأعراض الأولية | مشكلات في الذاكرة أو مشكلات في الرؤية أو المشي أو ضعف في التفكير | مشكلات عصبية، مثل صعوبة المشي والتوازن وضعف الأطراف وردود الفعل المبالغ فيها والاكتئاب |
تفاقم الحالة | بشكل متصاعد | بشكل تدريجي |
مجمل حالات الإصابة | 80% من إجمالي حالات الخرف | 10% من إجمالي حالات الخرف |
التشخيص
إذا اكتشف الطبيب أعراضاً عصبية أو تغيرات في الذاكرة أو التفكير المنطقي للشخص، فقد يطلب تقييماً وفحصاً تفصيلياً يتضمن:
- فحص جسدي شامل مع تاريخ طبي عائلي كامل.
- استشارة مع الأصدقاء وأفراد الأسرة لمعرفة ما إذا كانوا قد لاحظوا أي تغييرات في سلوك المريض.
- اختبار للتحقق من ردود أفعال الشخص وأعصابه وقدرته على التنسيق والتوازن.
- تصوير واختبارات الدم للتحقق من الحالات الأخرى التي قد تسبب تغيرات معرفية.
بعد استبعاد الأسباب الأخرى، قد يتوصل الطبيب إلى استنتاج مفاده أن التغييرات في الذاكرة والإدراك هي نتيجة الخرف الوعائي.
العلاج
الهدف من علاج الخرف الوعائي هو إصلاح الأسباب الأساسية التي قد تسببه. على سبيل المثال، سيعمل طبيبك معك لخفض ضغط الدم والكوليسترول لديك.
قد يشجعك أيضاً على تبني أسلوب حياة أكثر صحة مرفق بنظام غذائي أفضل، ومزيد من التمارين، وذلك من أجل منع انسداد الشرايين والنوبات القلبية والسكتة الدماغية.
كما أن هناك بعض الأدوية المفيدة في تقوية الذاكرة والمهارات المعرفية. إذ أنها تعمل على تغيير طريقة تواصل خلايا دماغك مع بعضها، وكيف تعالج وتخزن وتستعيد المعلومات.
رغم كل ما سبق، لا توجد حالياً علاجات معتمدة لإيقاف أو عكس التغييرات التي يسببها الخرف الوعائي.
نظرة عامة
الدماغ قادر على إصلاح نفسه إلى درجة معينة، إذ بإمكانه تجديد الأوعية الدموية للمساعدة في شفاء المناطق المتضررة. لكن الحقيقة هي أن الخرف الوعائي يقصر من عمر الشخص، خاصةً إذا كان مصاباً بسكتة دماغية أو نوبة قلبية من قبل، مما يُسفر عن المزيد من التلف في الدماغ.
تؤثر شدة الخرف الوعائي على منظور الشخص وعلى مستقبله أيضاً، وكلما زاد الضرر الذي يلحق بالدماغ، زاد احتمال احتياج الشخص للمساعدة في أداء مهامه الروتينية.
الحصول على مساعدة في حالة الخرف الوعائي أو الخرف المختلط
يعاني المريض من العديد من أعراض الخرف الوعائي دون أن يلاحظها أو قد تُعزى إلى حالة أخرى، مثل الإجهاد.
ومع ذلك، يجب أن تكون الفحوصات الطبية قادرة على اكتشاف التغيرات في الذاكرة والوظائف، المرتبطة عادةً بالخرف الوعائي.
إذا لاحظت تغييرات في نفسك أو في أحد أفراد أسرتك، حدّد موعداً للتحدث مع طبيب أخصائي. وإذا سبق وعانيت من نوبة قلبية أو سكتة دماغية، فإن الفحوصات مهمة جداً.
في حالة الخرف الوعائي والخرف المختلط يلاحظ الأطباء تغييرات طفيفة جداً، قد تغفل عنها. وتذكر أن التعرف على التغييرات وتشخيصها يمكنها أن تسرع العلاج. وكلما أسرعت في علاجك، حققت نتيجة أفضل في المستقبل.
اقرأ أيضاً: العلامات المبكرة للخرف والأسباب الشائعة
اقرأ أيضاً: ما هو تأثير الخرف على طريقة الأكل والشرب؟
اقرأ أيضاً: مرض باركنسون، الأعراض، الأسباب، التشخيص والعلاج
المصدر: ?What Is Vascular Dementia
تدقيق: هبة محمد
نحرير: جعفر ملحم